من أول راتب تقاضاه منذ أن ترك وطنه، قرر أن يحتسي فنجان قهوة في إحدي المقاهي الفرنسية العتيقة .. مهندم خارجياً جلس ..متجاهلا ً هلهلته الداخلية، وطلب فنجانه المفضل .. بأثداء وافرة، أحضرت النادلة فنجان قهوة معتبر.. ابتسمت وابتسم، ثم أمسك فنجان القهوة ورشف رشفة، عادت اليه بطعم المرار !! أغلق حاجبية ونظر الي الفنجان واذ بفنجان القهوة يبتسم له بمكر ويسأله قائلاً :
هل تعتقد أن طعمي وحده هو من يعدل مزاجك؟ .. وأردف الفنجان بشماته قائلاً: أنا مجرد بن خام واكتسب طعمي من يدي زوجتك .. تحويجتي هي خطوات طفلتك الأولي أمامك .. ولعب ابنك بصوت عالٍ بجوارك نكهتي ..ضاحكاً الفنجان ضحكة ساخرة هذه المرة واستكمل : هل تعلم أن همك في تدبير أحوال منزلك يزيد طعمي مزاقاً أيضاً؟!
نظر الفنجان إلى نفسه وقال: وأنا وبأذن واحده وبدون لسان أقول لك: عد إلى وطنك واستثمر في أولادك فلن تحتسي هنا إلا قهوة بطعم الفقد.
