فرحة أبناء سوهاج بتوديع سنوات «التهميش»

أبناء سوهاج
أبناء سوهاج

سوهاج‭ -‬‭ ‬خالد‭ ‬حسن

تعتبر‭ ‬سوهاج‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬أولى‭ ‬المحافظات‭ ‬الأفقر‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬الجمهورية،‭ ‬فقد‭ ‬عاشت‭ ‬عهودًا‭ ‬طويلة‭ ‬تعانى‭ ‬تدنى‭ ‬الخدمات‭ ‬وتدهورًا‭ ‬فى‭ ‬البنية‭ ‬التحتية،‭ ‬وفيها‭ ‬أفقر‭ ‬قرى‭ ‬الصعيد،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬جاء‭ ‬الرئيس‭ ‬عبدالفتاح‭ ‬السيسى،‭ ‬وأعطى‭ ‬تعليماته‭ ‬الحاسمة‭ ‬بانتشال‭ ‬الصعيد‭ ‬من‭ ‬الإهمال‭ ‬والتهميش‭ ‬والحرمان،‭ ‬وتغيرت‭ ‬ملامح‭ ‬سوهاج‭ ‬وأصبحت‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬جميلات‭ ‬الوجه‭ ‬القبلى‭.‬

كان‭ ‬لسوهاج‭ ‬نصيب‭ ‬الأسد‭ ‬من‭ ‬المشروعات‭ ‬القومية‭ ‬التى‭ ‬تنفذها‭ ‬الدولة‭ ‬حاليًا،‭ ‬وعلى‭ ‬رأسها‭ ‬ازدواج‭ ‬الطريق‭ ‬الشرقى‭ ‬الصحراوى‭ ‬اسوهاج‭ - ‬الغردقةب،‭ ‬وإنشاء‭ ‬عدة‭ ‬محاور‭ ‬وكبارٍ‭ ‬أعلى‭ ‬نهر‭ ‬النيل‭ ‬مرورًا‭ ‬بشريط‭ ‬السكة‭ ‬الحديد‭ ‬مثل‭ ‬محور‭ ‬كوبرى‭ ‬اطما‭ - ‬البدارىب،‭ ‬وكبارى‭ ‬اجرجا‭ - ‬دار‭ ‬السلامب،‭ ‬واالبليناب‭ ‬واجرجاب،‭ ‬وإنشاء‭ ‬أكبر‭ ‬مستشفى‭ ‬جامعى‭ ‬فى‭ ‬مصر‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬مدينة‭ ‬اسوهاج‭ ‬الجديدةب‭ ‬لخدمة‭ ‬مرضى‭ ‬الصعيد‭ ‬بأكمله‭ ‬وتخفيف‭ ‬الضغط‭ ‬عن‭ ‬مستشفيات‭ ‬القاهرة‭ ‬وأسيوط،‭ ‬ومجمَّع‭ ‬الصناعات‭ ‬الصغيرة‭ ‬والمتوسطة‭ ‬بالمنطقة‭ ‬الصناعية‭ (‬غرب‭ ‬جرجا‭) ‬الذى‭ ‬تكلَّف‭ ‬نحو‭ ‬800‭ ‬مليون‭ ‬جنيه‭.‬

محور‭ ‬البلينا

والتقت‭ ‬آخرساعة‭ ‬عددًا‭ ‬من‭ ‬أبناء‭ ‬سوهاج‭ ‬لاستطلاع‭ ‬آرائهم‭ ‬بشأن‭ ‬ما‭ ‬تشهده‭ ‬المحافظة‭ ‬من‭ ‬مشروعات‭ ‬خدمية‭ ‬وتنموية،‭ ‬حيث‭ ‬يقول‭ ‬كمال‭ ‬السيد،‭ ‬من‭ ‬قرية‭ ‬الساحل‭ ‬بمركز‭ ‬البلينا،‭ ‬إن‭ ‬محور‭ ‬كوبرى‭ ‬البلينا‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬المشروعات‭ ‬التنموية‭ ‬التى‭ ‬نفذتها‭ ‬الدولة،‭ ‬حيث‭ ‬يربط‭ ‬بين‭ ‬الطريق‭ ‬الصحراوى‭ ‬الغربى‭ (‬القاهرة‭ ‬ـ‭ ‬أسوان‭) ‬والطريق‭ ‬الصحراوى‭ ‬الشرقى‭ ‬وترعة‭ ‬نجع‭ ‬حمادى،‭  ‬ويمر‭ ‬أعلى‭ ‬شريط‭ ‬السكة‭ ‬الحديد‭ ‬ليصبح‭ ‬شريانًا‭ ‬لحركة‭ ‬التجارة‭ ‬والنقل‭ ‬بين‭ ‬سوهاج‭ ‬وقنا‭ ‬والبحر‭ ‬الأحمر‭.‬

فيما‭ ‬قال‭ ‬محمد‭ ‬زكريا،‭ ‬إن‭ ‬مشروع‭ ‬محور‭ ‬البلينا‭ ‬الذى‭ ‬افتتحه‭ ‬الرئيس‭ ‬السيسى‭ ‬قبل‭ ‬أيام‭ ‬يسهم‭ ‬فى‭ ‬الحد‭ ‬من‭ ‬حوادث‭ ‬المعديات‭ ‬التى‭ ‬كانت‭ ‬تتسبب‭ ‬فى‭ ‬مصرع‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المواطنين‭.‬

ووجه‭ ‬عبدالله‭ ‬القاضى‭ (‬موظف‭)‬،‭ ‬الشكر‭ ‬للرئيس‭ ‬السيسى،‭ ‬على‭ ‬حزمة‭ ‬المشروعات‭ ‬التى‭ ‬يتم‭ ‬تنفيذها‭ ‬فى‭ ‬سوهاج،‭ ‬خاصة‭ ‬مشروعات‭ ‬البنية‭ ‬الأساسية‭ ‬وتطوير‭ ‬شبكة‭ ‬الطرق‭ ‬والكبارى‭ ‬لتسهيل‭ ‬الانتقال‭ ‬بين‭ ‬الشرق‭ ‬والغرب‭ ‬وتقديم‭ ‬الخدمات‭ ‬للمواطنين‭ ‬بمحافظات‭ ‬الصعيد‭.‬

وفى‭ ‬قرية‭ ‬أم‭ ‬دومة‭ ‬بمركز‭ ‬طما‭ ‬التقينا‭ ‬صابر‭ ‬عيد‭ ‬محمد،‭ ‬الذى‭ ‬قال‭: ‬اكنا‭ ‬نسكن‭ ‬العشش،‭ ‬وجدران‭ ‬بيوتنا‭ ‬كانت‭ ‬من‭ ‬الطين‭ ‬والعجين‭ ‬والبوص‭ ‬وأفلاك‭ ‬النخيل،‭ ‬والآن‭ ‬اختلف‭ ‬الحال،‭ ‬وأصبحنا‭ ‬نسكن‭ ‬بيوتًا‭ ‬تصلح‭ ‬للحياة‭ ‬الآدمية،‭ ‬ورأينا‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المشروعات‭ ‬تقام‭ ‬فى‭ ‬القرى‭ ‬والنجوع،‭ ‬ولم‭ ‬نصدق‭ ‬أنفسنا‭ ‬ونحن‭ ‬نرى‭ ‬مشروعات‭ ‬تُشيّد‭ ‬فى‭ ‬قريتنا‭ ‬من‭ ‬مياه‭ ‬شرب‭ ‬نظيفة‭ ‬ومشروعات‭ ‬للصرف‭ ‬الصحى‭ ‬ووحدات‭ ‬صحية‭ ‬جديدة‭ ‬ومدارس‭ ‬ومبانٍ‭ ‬إدارية‭ ‬ومراكز‭ ‬شبابب‭.‬

ومن‭ ‬بين‭ ‬أبناء‭ ‬قرى‭ ‬طما‭ ‬قالت‭ ‬سيدة‭ ‬إنها‭ ‬عاشت‭ ‬لسنوات‭ ‬طويلة‭ ‬وهى‭ ‬تذهب‭ ‬لمنزل‭ ‬والدها‭ ‬برفقة‭ ‬أولادها‭ ‬ليدخلوا‭ ‬دورة‭ ‬المياه،‭ ‬ومنهم‭ ‬من‭ ‬عاش‭ ‬هو‭ ‬وأبناؤه‭ ‬داخل‭ ‬غرفة‭ ‬واحدة‭ ‬هى‭ ‬مكان‭ ‬المعيشة‭ ‬والنوم‭ ‬والأكل‭ ‬والاستحمام،‭ ‬وهناك‭ ‬من‭ ‬كانت‭ ‬تختبئ‭ ‬داخل‭ ‬الكهوف‭ ‬الجبلية‭ ‬مع‭ ‬أبنائها‭ ‬هربًا‭ ‬من‭ ‬الأمطار‭ ‬فى‭ ‬الشتاء،‭ ‬ونجحت‭ ‬احياة‭ ‬كريمةب‭ ‬فى‭ ‬انتشالهم‭ ‬من‭ ‬الفقر‭.‬

أما‭ ‬أبناء‭ ‬قرية‭ ‬اعرب‭ ‬بنى‭ ‬واصلب‭ ‬بمركز‭ ‬دار‭ ‬السلام،‭ ‬فقد‭ ‬تبدّل‭ ‬حالها،‭ ‬وودعت‭ ‬سنوات‭ ‬الإهمال‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬طالتها‭ ‬مبادرة‭ ‬احياة‭ ‬كريمةب،‭ ‬ومن‭ ‬بينهم‭ ‬حميدة‭ ‬عبدربه،‭ (‬ربة‭ ‬منزل‭) ‬التى‭ ‬قالت‭ ‬من‭ ‬داخل‭ ‬منزلها‭ ‬الجديد‭ ‬والفرحة‭ ‬تعلو‭ ‬وجهها‭ ‬ووجوه‭ ‬أطفالها‭ ‬إن‭ ‬زوجها‭ ‬عاملٌ‭ ‬بسيط‭ ‬وأوضاعهم‭ ‬المادية‭ ‬كانت‭ ‬صعبة‭ ‬حيث‭ ‬كانوا‭ ‬يسكنون‭ ‬بيتًا‭ ‬متواضعًا‭ ‬للغاية‭ ‬عبارة‭ ‬عن‭ ‬منزل‭ ‬من‭ ‬الطوب‭ ‬اللبن‭ ‬والطين‭ ‬ومسقوف‭ ‬بالبوص،‭ ‬ولم‭ ‬تكن‭ ‬به‭ ‬دورة‭ ‬مياه‭ ‬وكانت‭ ‬تضطر‭ ‬هى‭ ‬وأبناؤها‭ ‬للذهاب‭ ‬لمنزل‭ ‬والدها‭ ‬لقضاء‭ ‬حاجتهم،‭ ‬وأضافت‭: ‬االآن‭ ‬وبفضل‭ (‬حياة‭ ‬كريمة‭) ‬أصبح‭ ‬لنا‭ ‬منزل‭ ‬يتكون‭ ‬من‭ ‬غرفتين‭ ‬وصالة‭ ‬ودورة‭ ‬مياه‭ ‬بالسراميك‭ ‬والحمام‭ ‬فيه‭ ‬ماء‭ ‬ساخن‭ ‬وباردب‭.‬

ويقول‭ ‬حسن‭ ‬عبدالوهاب،‭ ‬من‭ ‬القرية‭ ‬ذاتها‭: ‬اأنا‭ ‬عامل‭ ‬بسيط‭ ‬باليومية‭ ‬ودخلى‭ ‬يكفى‭ ‬قوت‭ ‬أسرتى‭ ‬بالكاد،‭ ‬وكان‭ ‬بيتى‭ ‬عبارة‭ ‬عن‭ ‬غرفة‭ ‬واحدة‭ ‬مشيدة‭ ‬بالطين‭ ‬والبوص،‭ ‬وكنا‭ ‬نقضى‭ ‬حاجتنا‭ ‬فى‭ ‬برميل‭ ‬وضعناه‭ ‬بالأرض،‭ ‬وداخل‭ ‬الغرفة‭ ‬سرير‭ ‬وبوتاجاز‭ ‬وأكثر‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬يؤلمنى‭ ‬هو‭ ‬عدم‭ ‬قدرتى‭ ‬على‭ ‬حماية‭ ‬أطفالى‭ ‬من‭ ‬أمطار‭ ‬الشتاء‭ ‬وشمس‭ ‬الصيف‭ ‬الحارقة،‭ ‬لذا‭ ‬حينما‭ ‬سمعت‭ ‬بتلك‭ ‬المبادرة‭ ‬توجهت‭ ‬فورا‭ ‬للجمعية‭ ‬الخيرية‭ ‬بالقرية‭ ‬وتم‭ ‬تشكيل‭ ‬لجنة‭ ‬عاينت‭ ‬الوضع‭ ‬على‭ ‬الطبيعة‭ ‬وقاموا‭ ‬ببناء‭ ‬منزل‭ ‬آدمى‭ ‬لنا‭ ‬وانتهت‭ ‬مأساتى‭.‬

أما‭ ‬شيماء‭ ‬عز‭ ‬الدين،‭ ‬فتقول‭: ‬امنزلى‭ ‬عبارة‭ ‬عن‭ ‬جدران‭ ‬مبنية‭ ‬بالطين‭ ‬فقط‭ ‬بدون‭ ‬سقف‭ ‬وبالقرب‭ ‬من‭ ‬الجبل،‭ ‬ووقت‭ ‬المطر‭ ‬يغرق‭ ‬المكان،‭ ‬وكنا‭ ‬نختبئ‭ ‬سريعًا‭ ‬فى‭ ‬أحد‭ ‬الكهوف‭ ‬الجبلية‭ ‬المجاورة‭ ‬أو‭ ‬لدى‭ ‬الجيران،‭ ‬كما‭ ‬كانت‭ ‬تهاجمنا‭ ‬الثعابين‭ ‬والعقارب‭ ‬والحشرات‭ ‬السامة،‭ ‬ولكن‭ ‬قبل‭ ‬أشهر‭ ‬فوجئت‭ ‬بأشخاص‭ ‬جاءوا‭ ‬إلينا‭ ‬وتفقدوا‭ ‬أحوالنا،‭ ‬وقالوا‭ ‬إن‭ ‬الرئيس‭ ‬السيسى‭ ‬سيبنى‭ ‬لنا‭ ‬منزلًا،‭ ‬فرحنا‭ ‬جدًا‭ ‬أن‭ ‬الدولة‭ ‬شعرت‭ ‬بنا‭ ‬أخيرًا،‭ ‬والحمد‭ ‬لله‭ ‬أصبح‭ ‬لنا‭ ‬منزل‭ ‬آدمىب‭.‬

فيما‭ ‬يقول‭ ‬سلمان‭ ‬صفوت،‭ ‬أحد‭ ‬أهالى‭ ‬القرية،‭ ‬إن‭ ‬قرى‭ ‬مركز‭ ‬دار‭ ‬السلام‭ ‬شرق‭ ‬النيل،‭ ‬من‭ ‬أشد‭ ‬القرى‭ ‬فقرًا‭ ‬واحتياجًا،‭ ‬حيث‭ ‬يعيش‭ ‬أغلب‭ ‬سكانها‭ ‬تحت‭ ‬خط‭ ‬الفقر‭ ‬ويشتغلون‭ ‬بالزراعة،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬انعكس‭ ‬على‭ ‬حياتهم‭ ‬المعيشية،‭ ‬فكثير‭ ‬من‭ ‬منازل‭ ‬القرية‭ ‬بدائية‭ ‬ومبنية‭ ‬بالطوب‭ ‬الأبيض‭ (‬البلوك‭) ‬ونظرًا‭ ‬لوجود‭ ‬القرى‭ ‬فى‭ ‬حضن‭ ‬الجبل‭ ‬فإن‭ ‬حياتهم‭ ‬بسيطة‭ ‬وتشبه‭ ‬الحياة‭ ‬البدائية،‭ ‬لذا‭ ‬ظلوا‭ ‬طوال‭ ‬السنوات‭ ‬الماضية‭ ‬فى‭ ‬عزلة‭ ‬وحرمان‭ ‬من‭ ‬الخدمات‭ ‬حتى‭ ‬تنبهت‭ ‬الحكومة‭ ‬وقامت‭ ‬مؤخرًا‭ ‬برفع‭ ‬المعاناة‭ ‬عنهم‭.‬