د. سمير بانوب خبير التخطيط والإدارة الصحية يتحدث لـ«أخبار اليوم» من فلوريدا

قانون التأمين الصحي الجديد مصاب بمرض نقص الدراسات والسيولة

د. سمير بانوب خبير التخطيط والإدارة الصحية
د. سمير بانوب خبير التخطيط والإدارة الصحية
◄القانون لن يطور منظومة الصحة وعرضه علي الحكومة دون تحديد مصادر التمويل عبث
◄إنشاء مجلسأعلي للصحة يضع الاستراتيجيات والخطط.. والنظام الصحي حاليا يهدد كرامة المواطن.
 
كشف سمير بانوب استاذ وخبير التخطيط والادارة الصحية الدولية بالولايات المتحدة الامريكية عن ان قانون التأمين الصحي يشوبه النقصان والتقصير، وانه لم يحدد أسلوب ومصادر تمويله، وأعرب بانوب عن أسفه في ان تحاول وزارة الصحة إيهام المسئولين والشعب بان القانون يطور منظومة التأمين، ويفصل الخدمة عن التمويل، مطالبا بتأجيل عرض مشروع القانون القاصر علي البرلمان لعدم جدواه فعليا، والبدء في عملية الاصلاح الصحي الشامل اولا. وقال بانوب في حواره لـ»اخبار اليوم«‬ إن العقبات التي تواجه تطبيق القانون تتمثل في مشاكل منظومة الصحة من مستشفيات مهملة وأحوالها متردية والأطباء غير مدربين وقلة الإمكانات والتمويل، موضحا ان الاصلاح الشامل يبدأ بإنشاء مجلس اعلي للصحة، بحيث يضع هذا المجلس السياسات والاستراتيجيات والخطط الصحية للبلاد، وأعضاؤة من نواب الشعب الذين لا يربطهم اي تضارب مصالح مع النظام الصحي .. »‬اخبار اليوم» حاورت د. بانوب من الولايات المتحدة الامريكية وإلي التفاصيل  
في البداية.. سألته: كيف تري مشروع قانون التأمين الصحي الجديد المزمع إصداره خلال الفترة المقبلة؟
كنت أود أن أدعم مشروع القانون الجديد، ولكن واجبي نحو وطني يجعلني أرفض المجاملة، وأقول رأيي بصراحة في هذا القانون الذي اعتبره مشروعا يشوبه النقصان والتقصير، حيث كتب منذ عشر سنوات او اكثر، وتم عرضا علي مجلس الوزراء قبل اجراء دراسة اكتوارية له أي لم يحدد أسلوب ومصادر تمويلة، وذلك لم يحدث في اي دولة اخري في العالم، ومن المؤسف ان تحاول وزارة الصحة إيهام المسؤلين والشعب بان القانون يطور منظومة التأمين، ويفصل الخدمة عن التمويل، لذا نحن نطالب بتأجيل عرض مشروع القانون القاصر علي البرلمان لعدم جدواة فعليا، والبدء في عملية الاصلاح الصحي الشامل اولا.
عقبات التأمين الصحي
من وجهة نظرك.. ما العقبات التي تعوق تطبيق منظومة تأمين صحي ناجحة في مصر ؟.. وكيف نتغلب علي هذه العقبات لنصل إلي المنظومة الصحيحة الناجحة؟
العقبات التي تواجه التأمين الصحي هي مشاكل المنظومة نفسها فالمستشفيات احوالها متردية والأطباء غير مدربين وضعف الإمكانيات وأقول بوضوح لن يصلح اي نظام تأميني حقيقي الا اذا اصلحنا المشاكل اولا.   
وقال : الاصلاح الشامل يبدأ بإنشاء مجلس اعلي للصحة، بحيث يضع هذا المجلس السياسات والاستراتيجيات والخطط الصحية للبلاد، وأعضائة من نواب الشعب الذين لا يربطهم اي تضارب مصالح مع النظام الصحي، ويمثلون المحافظات بالتبادل بين المحافظات الكبيرة والريفية والصعيد والحدودية، وممثلون عن النقابات المهنية والعمالية، وهذا المجلس يخدمة أدارت متخصصة و يتبعة ثلاث هيئات منفصلة أولها للدواء والغذاء، والثانية لتخطيط وتنمية قوة العمل الصحية والثالثة للجودة والتسجيل والاعتماد للمرافق الصحية والمعاهد والشهادات في القطاع العام والخاص ، ويضع المجلس الخطط الحاكمة لوزارات الصحة والسكان والتعليم العالي والبيئة والتضامن الاجتماعي واالتنمية المحلية »‬حيث تدار الصحة في العالم محليا وليس مركزيا لدولة اكثر من تسعين مليونا وكثير من محافظاتها يزيد حجم سكانها عن دول كثيرة» يدعمها وزارات التخطيط والمالية.
التمويل إحدي العقبات التي تواجه تطبيق نظام التأمين الصحي.. كيف يمكن التغلب علي ذلك؟
يتم التمويل تدريجيا بما يعادل ١٠-١٥٪ من الرواتب يتحملها العامل وصاحب العمل، او ما يعادل ١٠٪ من الدخل القومي »‬وما ورد في الدستور هو حلم متواضع جدا وحتي لم نبلغه بعد» او ١٥-٢٠ ٪ من ميزانية الدولة بعد استبعاد استحقاقات الديون. وقال:الفقراء ومتوسطو الدخل يدفعون حاليا حوالي ٦٥-٧٠٪ من تكلفة العلاج. ويدفعون ذلك في القطاع الخاص قبل تقديم الخدمة، وإذا لم يتوافر ذلك »‬عدا مليون ونصف المليون يحصلون علي علاج نفقة الدولة وبصعوبات بالغة» فإنهم وبصراحة يواجهون الافلاس او الديون او الاذلال او الوفاة، ولسنا اول من يواجه ذلك، ففي أوروبا الشرقية والوسطي ،، وبعد الثورات ضد الشيوعية، وحين أمسك الشعب بسلطة القرار، خططنا نظما ناجحة رضي الشعب فيها ان يدفع ١٢-١٥ ٪ من الرواتب للتأمين الصحي بعد ان عاشوا طويلا في وهم العلاج المجاني المتدني، فالمواطن الآن سوف يعارض رفع قيمة اشتراك التأمين، ولن تجرؤ الحكومة علي طلب ذلك، لانه يعلم تماما انه لن يستفيد من الاشتراك وانة لا محالة سوف يضطر او يتم سحبة للقطاع الخاص، ولكن لو علم انه يدفع حاليا اكثر من ذلك ،فلن يعترض، وفِي المقابل يحصل علي الضمان والامان الصحي له ولأسرته، ولن يواجة مشاكل الافلاس او العوز عند مواجهة المرض ، وهنا يقرر ممثلي الشعب ما لا تستطيع الحكومة ان تقرره.
الاعتماد والجودة
اذا كان شرط تقديم خدمة التأمين الصحي هو الجودة واعتماد المستشفيات فما مصير المستشفيات الحكومية ؟
اولا المستشفي الذي لا يقابل ابسط شروط الاعتماد الآن لا يجوز ان يفتح ابوابه للمرضي أصلا، وكان الاولي إصلاحه واستكمال معداتهوخدماته قبل بناء مستشفيات اخري، وثانيا الصحة والعلاج ليست مستشفيات أبدا ،، فبينما غالبية الشعب يجب ان يعتمد علي العيادات والعلاج الخارجي عالي الكفاءه، بالمستويات العالمية ،نجد في هذه الحالة ان من يحتاج للمستشفي المركزي او العام سوف يقل عن ١٠٪ من الشعب،، وان من يحتاج إلي المستشفيات العالية التخصص مثل القلب والسرطان وغيرهما لا يصل إلي ١-٢٪ ،،،هناك مفاهيم كثيرة ومبادئ عديدة ينبغي تصحيحها في مصر،، وأغني دول العالم تتحكم في ترشيد نفقات الصحة من خلال التركيز علي وسائل منع الأمراض والوقاية منها ،، ودعم الرعاية الاولية الأساسية مع خفض مستمر في عدد المستشفيات وأسرتها بدلا من بنائها.
تطوير المستشفيات
كيف يتم تطوير المستشفيات الحكومية لتكون جاهزة لتأمين صحي مناسب ؟
لو حسبت ما أنفق علي المستشفيات الحكومية في السنوات العشر الخيرة وخاصة بعد الثورة، لوجدت ان المستشفيات الحكومية أنفق عليها مئات المليارات، سواء من ميزانية الدولة او من المنح الدولية او من التبرعات الأهلية، وستجد ايضا ان بناء وتطوير المستشفيات العامة مصحوب بهدر واهمال نتيجة قصور وغياب التخطيط والصيانة الدورية والإصلاح بمعرفة المتخصصين من كوادر الهندسة الطبية المدربة ،ومع ذلك فإننا نبني المستشفيات ونكدسها في القاهرة، ونسبة اشغال المستشفيات في الدولة تقل عن ٤٥٪ بدلا من ٧٥-٨٥٪ عالميا، وكثيرا ما تبني أحدث المستشفيات وتسلم للوزارة ،، ثم يمر المسئول ويحيل مئات الاطباء والموظفين للتحقيق بسبب الغياب، والقصة كلها تنحصر في فصل القطاع العام عن الخاص ، وحسن التخطيط وكفاءة الادارة وليس نقص الموارد
وما رؤيتك لفكرة تطبيق القانون في عدة محافظات ؟
المرحلة الاولي لتطبيق القانون تبدأ بخمس محافظات من الـ٢٧ محافظة بمصر هو في الحقيقة تلاعب بالارقام لان سكان المحافظات الخمس يساوي حوالي ٣٪ من سكان مصر ،، ومنهم كثيرون لهم نظم علاج خاصة لقناة السويس والبترول والسياحة والنقل ونظم اخري ،،، وتبقي القاهرة الكبري ذات الأربع و العشرين مليونا في نهاية المطاف بعد ١٣ سنة.  
مشاكل الصحة
في النهاية ما تعليقك علي المنظومة الصحية في مصر؟
طالما كتبت في الصحف وتحدثت في الاعلام ومنذ عام ٢٠٠٢ حتي مللت من التكرار ،، النظام الصحي في مصر تراكمت مشاكله علي مر السنوات الستين الاخيرة حتي اصبح اصلاحه بالغ الصعوبة بل ويحتاج إلي معجزات ،، ولكن كل شيء ممكن لو توافرت الارادة السياسية والتخطيط العلمي السليم.. اهم التحديات التي تواجه الصحة في مصر هي ان القرار والسياسة الصحية يحكمها كبار الاطباء وهم بالضرورة لهم تضارب مصالح، وذلك عكس الدول المتقدمة التي يضع سياساتها ممثلو الشعب المنتفعون بالنظام ،، وعلي الاطباء ومقدمي الخدمة تنفيذ هذه السياسات،، اما السبب المباشر لتدهور النظام الصحي في رأيي وبصراحة،،، هو ضعف شديد في رواتب الاطباء الحكوميين، ومن ذلك ان راتب الطبيب الحديث في اغلب الدول المتقدمة يبلغ ضعفا إلي ثلاثة أضعاف نظيره خريج الجامعة، حيث انه اعلي متفوقي التعليم العام، ويدرس مواد تصل إلي ضعف اغلب الكليات الاخري عند قياسها بالوحدات الدراسية ،،، علاوة علي صعوبة وخطورة العمل الذي لا يعترف بساعات العمل الطبيعية او الاجازات او العطلات،،، ويصاحب ذلك خطورة المسئولية والعدوي بل والتعدي وغيرها ،،،، ودرجت الحكومات إلي اليوم علي دفع رواتب اسمية للأطباء،، وهي بذلك تصرح لهم ضمنا بالعمل غير القانوني بالقطاع الخاص منذ تخرجهم،،، وكما يفعل رؤساؤهم وأساتذتهم،،،وهنا نمي هذا القطاع غير المحكوم بمراقبة الجودة او الأسعار او ضرورة الخدمات التي تقدم به ،، وظهر الطب التجاري واستشري بوضوح عدا قلة نادرة، وأصبح له من يحميه بضراوة ممن لهم سلطة القرار السياسي والتعليم الطبي والصحي،،،،،اما ثالث هذه التحديات فهو تدهور وتأخر نظم تعليم الاطباء الأساسي والتخصصي وكذلك التمريض والفنيون تدريجيا عن المستويات العالمية حتي في بعض الدول النامية الافريقية والآسيوية.