نهاية علاقة آثمة

وجهها الأبيض الشاحب المختفي في سحابة شعرها الأسود وقوامها الفارع يعطيان تقديراً أكبر لسنها، (18 عاماً)، لم تكن تعلم أنها ستكون ضحية علاقة آثمة مع ابن قريتها الذي وعدها بالزواج، ووضع سطور النهاية الدموية لكل منهما.
وسط الظلام والأضواء الخافتة، وحفيف الرياح جلست الفتاة وسط الزراعات، امتلأ قلبها بالرعب والخوف، فاقت على خطوات العشيق التي أحدثت صوتاً يدغدغ حبات الطين وكأنه يعلن عن مدى تلهفه للوصول إليها تنفست الصعداء مجرد أن وقعت عيناها عليه، وسار بينهما حوار يشوبه الهمس وسط نقيق الضفادع وعواء الذئاب، وما أن طالبته بالزواج كما تعاهد معها، لمعت عيناه وبابتسامة تخفي وراءها غدر وانتقام، وبسرعة البرق تلقت الفتاة لكمة قوية انطلقت على إثرها شرارات ألقت ظلالها الكثيفة تحجب الرؤية، لم يرحم أنينها الذي كان يزيده قسوة وشراسة، وأخرج من بين طياته سكيناً تغمس نصله وانطفأ بريقه بدمائها التي انفجرت من رقبتها بعد أن ذبحها كالشاة.
هرول العشيق مسرعاً يتخبط بين الزراعات التي تتلاطم بوجهه كما أن لو كان اعتراض من الطبيعة وحزناً على الفتاة الغارقة في دمائها.
كانت قصة حب نشأت بين المتهم وعشيقته الصغيرة، واستسلمت له وتوطدت العلاقة بينهما والمقابلات تعهد على إثرها بالزواج منها لكنه ماطلها، وتعمد الهرب منها بعد ان افقدها عذريتها على أمل الزواج، ومن كثرة إلحاحها على سرعة الزواج وإلا ستفضح أمره بين عائلته وأهل القرية، فقرر التخلص منها معتقداً الهرب من عدالة السماء، ويدفع ثمن علاقة آثمة.


وقف العشيق خلف القضبان الحديدية بينما يخيم الهدوء على قاعة محكمة جنايات الجيزة يتوسط منبرها المستشار محمد حماد عبد الهادي وعضوية المستشارين أمجد إمام، ووديع حنا ناشد، وبأمانة سر أحمد مصطفى، وعصام حسين، بينما كلمات وكيل النائب العام ومرافعته الرنانة تزلزل كيان العشيق المتهم الذي يمر العمر أمامه في لحظات، وتجمدت نظراته وانهار في بكاء شديد بعدما اخترق حكم المحكمة أذنيه وهو الحكم بالإعدام، وخطوات مثقلة يتكئ بيديه على كتفي الحرس يقودونه إلى محبسه الانفرادي استعداداً للقاء ربه.