إنها مصر

تحذيرات الرئيس فى القمة

كرم جبر
كرم جبر

"واهم من يتصور أن الحلول العسكرية والأمنية، قادرة على تأمين المصالح أو تحقيق الأمن"، هكذا حذر الرئيس عبد الفتاح السيسى إسرائيل فى القمة العربية فى المنامة، من استمرار الحرب فى غزة.

فإسرائيل لن تستطيع القضاء على حماس، حتى لو نجحت فى ضرب قوتها العسكرية المؤثرة، ويتخذ الكفاح المسلح أشكالاً أخرى لن تكون فى حسبان إسرائيل، مثلما فوجئت بأحداث طوفان الأقصى.

وإذا ضربت إسرائيل القوة العسكرية لحماس، فلن تستطيع المساس بالعقيدة القتالية التى لم تخمد منذ احتلال فلسطين، الجهاد المشروع "سلاح" و"عقيدة"، ويتخذ السلاح أشكالاً أشد قوة يستمدها من العقيدة.

وعقيدة الشعب الفلسطينى تنبع من حقه فى دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، ولن يموت هذا الحق مهما طال الزمن، وستظل إسرائيل فى حروب مستمرة مهما بلغ بطشها وجبروتها، ومن روح كل شهيد، يتسلح الفلسطينيون بالقوة والشجاعة.

الحلول العسكرية والأمنية لن تحقق السلام والأمن لإسرائيل، وهى تستخدمها منذ إعلان قيامها، ولم تحقق لها الحياة المستقرة وسط المحيط العربي، ولن يقبل مواطن عربى أن يصافح أيدى ملوثة بالدماء والقتل والجرائم الوحشية.

الحصاد سيكون قاسياً على إسرائيل من جيل الكراهية، الذى عاش مأساة مروعة لم تشهد البشرية مثلها، لجيش احتلال جبان يتباهى بقتل النساء والأطفال، ويعتبر ذلك بطولة وانتصاراً، وستظل المآسى محفورة فى الذاكرة، حتى يحين وقت الثأر والانتقام.

"مخطئ من يظن أن سياسة حافة الهاوية، يمكن أن تجدى نفعاً أو تحقق مكسباً"، وهى رسالة قوية من الرئيس لإسرائيل فى القمة العربية، وهى تتعمد الوصول بالمنطقة كلها إلى "حافة الهاوية".

حافة الهاوية المدعومة من المجتمع الدولى المتبلد المشاعر والأحاسيس والعاجز عن اتخاذ قرارات إنسانية، وصار التواطؤ بالصمت سياسة دولية إزاء حرب الإبادة الإسرائيلية، التى تفوق ما فعله النازى مع اليهود.

 "حافة الهاوية" المدعومة من قرارات أمريكية ظاهرها الخداع وباطنها التآمر، وفقدت أمريكا مصداقيتها ولم يعد أحد يصدق ما يصدر عن قادتها من تصريحات متناقضة، ولكنها فى الحقيقة تنطق بلسان إسرائيل وتنفذ سياستها، مع رتوش باهتة لتجميل صورتها.

 والوضع الشائك لا يترك مجالاً للدول العربية إلا أن تضع أيديها معاً قبل فوات الأوان، وأن تقول للعالم كله إنه لا سلام ولا تطبيع إلا بانتهاء العدوان الإسرائيلى عن فلسطين والاعتراف بحل الدولتين.

إسرائيل لن تنعم بالحياة الطبيعية مع جيرانها دون وقف الحرب الهمجية، وهذه هى إرادة الشعوب والحكام، ونقطة البداية نحو السلام البعيد الذى يتطلب حسن النوايا من إسرائيل، وأن تتوقف رغباتها الوحشية فى قتل شعب بأكمله وطرده من أرضه.

 "واهم" من يتصور أن القوة العسكرية تحقق الأمن لإسرائيل، فمنذ ثلاثة أرباع القرن وهى تستعرض قوتها ولم تصل إلى أمن واستقرار، وستظل كذلك فى محيط عربى مشحون بالكراهية، ولن يكون المستقبل فى صالحها.