أمام جنايات بورسعيد.. محاكمة زوجة حرضت زوجها على قتل آخر تزوجته عرفيًا

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

بورسعيد‭: ‬أيمن‭ ‬عبد‭ ‬الهادي‭ ‬

 تنظر محكمة جنايات بورسعيد واحدة من القضايا التي شغلت الرأي العام بشكل كبير خلال فترة حدوثها، وتساءل الكثيرون عن أسباب قتل المتهمين للمجني عليه بهذه الصورة المؤلمة، خاصة وأن الأسرة رفضت الحديث عن أي تفاصيل في وقت الحادث، أخبار الحوادث تابعت التحقيقات من داخل جلسات المحاكمة وتكشف في السطور التالية عن كواليس القضية.

قبل أن نبدأ في الحديث عن تفاصيل جلسات المحاكمة والتي لا تزال قائمة داخل محكمة الجنايات دعونا نتحدث عن تفاصيل الواقعة؛ في يوم 17 من شهر أكتوبر الماضي من عام 2023، فوجئ أهالي حي المناخ وتحديدا أمام نقابة المعلمين، بقدوم تاكسي ودراجة نارية واطلاق أعيرة نارية تجاه شخص ونجله مما تسبب في وفاة الأب وإصابة نجله، وتحول المكان إلى بركة من الدماء، وأكد شهود العيان وقتها أنها لم تكن المرة الأولى للاعتداء بل تكرر الأمر فقد تم تكسير السيارة الخاصة بالمتوفى وتعرض كذلك للسباب من المتهمين وتحرر محضر بقسم شرطة المناخ، ولكن لم يكن أحد يعرف أسباب القتل، ورفضت الأسرة في وقتها الحديث عن الأسباب وقالت إن الأمر يتعلق بالعمل وهناك خلافات بسبب المال.

وتمكنت إدارة البحث الجنائي في هذا الوقت وقبل أن تمر ساعات على الحادث من الحصول على مقطع فيديو مصور من إحدى كاميرات المراقبة وعن طريق سؤال نجل المجني عليه المصاب من تحديد هوية الجناة وهم 4 أشخاص، وأعدت الكمائن الثابتة والمتحركة وتمكنت من ضبطهم، وجرى تحرير محضر شرطة، وقدمتهم للنيابة العامة دون أن يكون هناك سبب واضح لجريمة القتل، ولم تجب التحقيقات عن: لماذا قتل المجني عليه؟!

قرار الإحالة

حققت النيابة العامة في الحادث ووصفت القضية بأنها قتل عمد مع سبق الإصرار والترصد، والمتهم في القضية كل من: حسن أحمد أحمد السيد الشهير بـ»جربوع» ويبلغ من العمر 20 عاما ويعمل عاملا في الميناء، ومحمد محمود أمين، واشرف سامح السيد الغلبان، وعمر محمد محمد شطا عبد الهادي ويعمل سائقًا سيارة أجرة، وتضمن قرار احالتهم للجنايات أنهم قتلوا المجني عليه سليمان محمد سليمان قابيل عمدا مع سبق الإصرار والترصد؛ بأن بيتوا النية وعقدوا العزم المصمم على قتله، وذلك لما حمله صدر المتهم الأول قبله من إفك مفتري، فاستعان بقرنائه المتهمين من الثاني إلى الرابع وأعدوا لذلك سلاحين سكين ومطواة وسلاحا ناريًا وذخيرة وسيارة.

وتضمن قرار الإحالة أنه تقابلت إرادتهم واتحدت كلمتهم على الإثم والعدوان، لما اعتادوا عليه من استحلال حرمة المال، فاستحلوا حرمة الدم وأغشيت بصيرتهم وران على قلوبهم، وأخذتهم نار الجاهلية فقصدوا إلى المكان الذي أيقنوا بتواجده فيه متخذين من ظلمة الليل ساترًا لهم، وما رصدته أعينهم من دهمة الظلام في الميقات المتفق عليه لإنفاذ مخططهم، فكمنوا له منتظرين قدومه وما أن ظفروا به حتى باغته المتهمون من الأول إلى الثالث بالأسلحة البيضاء، فسدد الأول السلاح الأبيض بجسد المجني عليه، وأطلق الثاني لجام سلاحه الناري فسدد إليه أربعة أعيرة نارية، فأحدثوا به الإصابات قاصدين إزهاق روحه، وهرعوا إلى المتهم الرابع والذي كان منتظرا قدومهم بسيارته الأجرة ليتمكنوا من الفرار.

اقرأ  أيضا : يقتل زوج شقيقته لأنه تزوج عليها !

وشهد نجل المجني عليه محمد سليمان محمد سليمان قابيل؛ بأنه على اثر اعتياد المتهم الأول على المجني عليه وتحصله منه على أموال مقابل الإتاوة كرهًا عنه، وفي هذه المرة امتنع المجني عليه عن دفع تلك الإتاوة فاعتدى على ممتلكاته، مما دفع والده إلى تحرير محاضر سابقه قبله، إلا أنها لم ترد المتهم عن بغيه، وفي يوم الواقعة وعقب أن انتهى من مجلسه في منزل المجني عليه وابتغى التوجه إلى مسكنه، فرافقه والده لتوصيله إلى وجهته، وما أن بزغا مسكن والده حتى باغته المتهم الأول وبرفقته آخرين، فأشهر الأول سلاحا سكين وتعدى على والده حال قيام الآخرين بإحراز سلاح ابيض آخر واسلحة نارية، وقبع أحدهم بالسيارة منتظرًا إنهاء جرمهم للفرار، وما أن ظفروا به حتى تعدى الأول على والده واطلق أحدهم 4 أعيرة نارية استقروا بالمجني عليه ومكنهم الأخير من الفرار.

وشهد الجيران وأصحاب الأكشاك والمحال بالمنطقة الخامسة محل الواقعة، باعتياد أشخاص بالتعدي على المجني عليه بالسب والتوعد له بالإيذاء منذ ما يربو على شهرين وتهديد أحدهم بعبارة «انا طلعت من السجن ومش هسيبك»، وفي يوم الواقعة سمعوا نداء المتهمين للمجني عليه لاستحضاره اليهم وتهديدهم له بالإيذاء وتوعدهم له بأن يقصدوا مسكنه ويتعدون على نسائه إن لم يرضخ لهم، وسمعوا دوي أربعة أعيرة نارية وشاهدوا المجني عليه طريحًا أرضًا وقد فاضت روحه.

وثبت بتقرير الأدلة الجنائية أن السلاح المضبوط بحوزة المتهم الأول عباره عن بندقية خرطوش صناعة تركية ذات ماسورة واحدة مثقولة عيار 12 وصالحة للاستعمال، وأن الطلقات المضبوطة بإحراز المتهم الأول عبارة عن اثنين طلقه كل منهما كاملة الأجزاء وغير مطرقة الكبسولة مما تستخدم على السلاح الخرطوش وصالحة للاستعمال، والحرز الثاني عبارة عن كريات من الرصاص خاصة بطلقة ما تستخدم على الأسلحة الخرطوش، وثبت بمعاينة النيابة العامة لمسرح الجريمة؛ أن الواقعة حدثت بالطريق العام أمام مسكن المجني عليه، وبرصد مسرح الجريمة الممتد تمكن من الوقوف على آلة مراقبة رصدت مقطعا مرئيا تم استخلاصه، ويتبين منه تواجد إحدى السيارات محل الواقعة ويستقلها عدة أشخاص يظهر به وقود ألسنة لهب لإطلاق الأعيرة النارية.

وأقر المتهم الاول بالتحقيقات انه عقب خروجه من السجن حدث خلاف فيما بينه والمجني عليه وعلى اثر ذلك قصد مسكنه محرزا السكين والمطواة والاسلحة النارية مستقلا سيارة خاصة بالمتهم الرابع قابعًا لمدة زمنية تجاوزت 15 دقيقة منتظرًا خلالها قدوم المجني عليه وما ان ظفر به حتى سدد اليه السلاح الابيض السكين أكثر من مرة ولاذ بالفرار بالسيارة.

وثبت بتقرير الصفة التشريحية الخاصة بالمجني عليه؛ أن الإصابات الحيوية الحديثة المشاهدة والموصوفه به عبارة عن إصابات نارية رشية حيوية حديثة حدثت من عيار أو أعيرة نارية معمرة بمخذوفات، أطلقت عليه من سلاح أو أسلحة معدة لإطلاق الخرطوش، وقد اطلقت عليهم من مسافة جاوزت مدى تجمع المقذوفات الرشية، وتقدر باكثر من 3 أمتار في حال الأسلحة طويلة الماسورة، وأكثر من نصف هذه المسافة في حالة الأسلحة قصيره الماسورة، وكانت تجاه الاطلاق من الوضع الطبيعي القائم للجسم من الأمام والخلف، وجرح مستوي الحواف بالرأس يحدث من المصادمة بجسم صلب ذو حافة حادة كسكين أو ما شابه، وجرح مستوى الحواف بالشفاة السفلية والكتف الأيمن تحدث كذلك من المصادمة بجسم صلب، وتعزى الوفاة إلى الإصابات النارية الرشية الحيوية المتواجدة بالجسد والتي أحدثت تهتكا بالرئة اليسرى والقلب، وأدت إلى نزيف غزير.

المحاكمة

ومع بداية جلسات المحاكمة أمام المستشار جودت ميخائيل قديس رئيس محكمة جنايات بورسعيد بدأت التفاصيل والأسباب الحقيقية في الظهور؛ حيث تبين أن المتهم الأول والفاعل الأصلي كان متزوجا من سيدة، وأثناء قضاءه لفترة عقوبة داخل السجن تعرفت هذه السيدة على آخر وهو المجني عليه، وقامت بالزواج منه بعقد عرفي قدمته المحامية عن الجاني للمحكمة، وعلم المتهم بذلك عقب خروجه من السجن فذهب وقتل المجني عليه.

واستدعت المحكمة الزوجة لسماع شهادتها، حيث أوضحت أنها حررت توكيلا للمجني عليه من أجل أن يرفع دعوى خلع علي زوجها الجاني الذي لم يتسلمها لقضائه فترة الحبس، وبعدها حررت عقدا عرفيا وعاشرت به المجني عليه كالأزواج، وأشارت أنها في يوم الحادث كانت في بيت المجني عليه وبناتها واتصل بالجاني وقال له: زوجته وبناتك عندي واستدعي اشخاصًا وسلاحًا، وبعدها خرج مع نجله ليتم قتله على يد زوجها.

واستمعت المحكمة إلى دفاع المجني عليه المدعي بالحق المدني والذي انضم لمطالب النيابة العامة وطلب تطبيق أقصى عقوبة على الجناة، كما حاولت المحامية التي دافعت عن الجناة بتصوير الأول منهم في صورة البطل الذي دافع عن شرفه وثأر لعرضه، وطالبت بتعديل القيد والوصف وتخفيف الحكم، قائلة: واحد خرج من السجن لقي مراته متزوجة من غيره وحد بيكلمه يقوله مراتك وبناتك عندي راح يجيب عرضه وشرفه مكنش رايح يقتل.

وسقط المتهم في قفص الاتهام بعد اعترافات زوجته بالزواج عرفيا من المجني عليه، إلا أنه عاد بعد دقائق للوقوف من جديد وكأن شيئا لم يحدث، ولم يعرف أحد أن كان ذلك لاستعطاف المحكمة أو تعرضه لارتفاع أو انخفاض في ضغط الدم.

وانتهت المحكمة من خلال هذه التحقيقات والاستماع لشهود العيان والمرافعات من مداولتها، وحجزت القضية للنطق بالحكم في مايو القادم.

 


 

;