بإيشارب ووسادة خنقت صغيرها وهو نائم ..الإعدام ينتظر قاتلة طفلها بالسنبلاوين

الضحية
الضحية

حبيبة‭ ‬جمال

في أحضانها يذهب الألم بعيدًا، وتحل الطمأنينة والسكينة، ومن أنفاسها الدافئة ولهفتها الحنونة تتحول صعوبة الحياة لبلسم، الأم التي جعل الله الجنة تحت أقدامها إكرامًا لها ولمشاعرها التى لا حدود لها ولا وصف، لكن ماذا لو خلعت الأم قلبها ووضعت مكانه قطعة من الحجارة أو أشد قسوة، وبدلًا من أن تكون أما حنونة تعوض طفلها غياب والده وحرمانه من عطفه تحولت لأم قاتلة بلا قلب، هذا ما حدث في جريمة السنبلاوين، عندما تخلصت أم من طفلها صاحب الأربع سنوات.. لم يكن ذلك الملاك الصغير يدري أن البيت الذي يعيش فيه تحلق فيه شياطين الإنس التي غلبت شياطين الجن، وأن الأم التي ذهب طفلها في براءة ليرتمي بين أحضانها ستأخذه من طفولته وتقتله.. تفاصيل مأساوية عن جريمة قتل ارتكبتها أم في حقها طفلها دون أي سبب أوذنب في السطور التالية.

الحكاية بدأت في بيت ريفي، في قرية كفر الروك، بمركز السنبلاوين، في محافظة الدقهلية، حيث نشأت إسراء أحمد، فتاة في منتصف العشرينيات من العمر، مثلها مثل أي فتاة انتظرت العريس الذي سيأخذها من عالمها البسيط وتعيش معه في مملكتها الخاصة، تبني معه عش زوجية سعيد، وبالفعل تقدم لها شاب من قريتها ومنذ الوهلة الأولى تعلقت به وأحبته، وسرعان ما تم زفافهما وانتقلت للعيش معه في بيتهما الصغير، عاش الاثنان أياما من السعادة والحب، حتى رزقهما الله بأول فرحة لهما، طفلهما مصطفى، ذلك الملاك الصغير، الذي ملأ حياتهما حب وسعادة وخير، وكان فتحة خير لوالده الذي وجد فرصة عمل بالخارج، فشد الرحال مودعًا أسرته الصغيرة،وارتمى في أحضان الغربة من أجل البحث عن لقمة العيش وتأمين مستقبل طفله الصغير مصطفى الذي كان يكبر يوما بعد يوم أمام عين والدته، والأب المتغرب كان يطفئ شوقه لصغيره بمكالمات فيديو كول شبه يومية، منتظرًا ذلك الوقت الذي سيعود فيه من غربته ليأخذه بين أحضانه، لم يعلم أنه سيفيق من أحلامه على كابوس مفزع وهو اتصال من أسرته "إلحق إسراء قتلت مصطفى"، كاد الأب أن يجن جنونه، يسأل نفسه "ليه.. ايه اللي حصل"، ليأخذ أول طائرة ويعود لوطنه ليعرف الحقيقة ولماذا فعلت ذلك؟!

خلافات انتهت بجريمة

إسراء بعدما سافر زوجها، بدأت المشكلات والخلافات تعرف طريقها إليها، حسب حديثها، بأن أهل زوجها طعنوا في شرفها، وافتعلوا معها المشكلات على أتفه الأسباب حتى يطلقها زوجها؛ فقررت في لحظة شيطان أن تتخلص من نجلها انتقامًا منهم، ولا نعرف بماذا كانت هذه الام تفكر!، بالتأكيد هو تعجب جراء فعلتها النكراء اكثر منه سؤال ما ذنب هذا الصغير حتى تقتله بهذه الطريقة البشعة، ألم يحن قلبها، ألم تدرك وقتها أن العذاب سيكون من نصيبها هي عندما تتخلص من فلذة كبدها؟!، وأن الانتقام لن يشفي غليلها، وكان بيدها أن تفكر في حل مثل ـن تطلب الانفصال بدلا من ارتكابها جريمة تهتز لها السماوات والأرض.

إسراء جلست أيامًا تفكر في جريمتها، تنظر لصغيرها كل يوم بنظرة شر وحقد، تنتظر تلك اللحظة التي ستنفذ فيها جريمتها دون أن يرتعش قلبها، أو تتراجع عنها، حتى جاءت تلك الليلة الموعودة التي قررت فيها التنفيذ. 

يوم ٩ من شهر أغسطس ٢٠٢٣، كانت في تلك الليلة في منزل أسرتها، انتظرت حتى نام الجميع، حتى صغيرها مصطفى قبل أن يذهب في النوم بين أحضان امه في براءة طلب منها أن تحكي له قصة، نفذت طلبه وبمجرد أن غالبه النوم، انقضت عليه كالذئب المفترس، خنقته بالإيشارب ثم بالوسادة، ولم تتركه إلا بعدما أصبح جثة هامدة، وظلت بجانبه تبكي حتى استيقظت شقيقتها لمياء، وعرفت بالجريمة، وتعالت الصرخات، واستيقظت القرية الهادئة وتحولت لصخب، نقل الأهالي الطفل سريعا للمستشفى في محاولة لإنقاذه، لكنه كان فارق الحياة.. مات على يد أقرب الناس إليه. 

البلاغ والحكم

تلقى مدير أمن الدقهلية، إخطارًا من مدير المباحث الجنائية، يفيد بورود إشارة من مستشفى السنبلاوين العام، بوصول طفل يدعى، مصطفى الحفناوي، ٤ سنوات، يقيم بقرية كفر الروك، جثة هامدة بصحبة والدته إسراء أحمد، وبه تجمع دموي وسحجات بالرقبة من الأمام والخلف، على الفور انتقل رجال المباحث لمحل البلاغ، وبسؤال الأم قررت أنها تقيم طرف والدها بعد سفر زوجها خارج البلاد وأنه حال إنقاذ نجلها تبين وفاته ولم تعلل السبب، فتشكل فريق بحث لكشف لغز الواقعة، حتى شهدت عليها شقيقتها، وألقت الأجهزة الأمنية القبض عليها، ولم تجد أمامها حلا سوى الاعتراف بجريمتها، وأمام النيابة انهارت واعترفت بكل شيء، فقالت: "أيوه قتلته.. قتلته عشان انتقم من أهل جوزي، طعنوا في شرفي وشوهوا سمعتي عشان جوزي يطلقني.. فقررت اقتله"، ثم دخلت المتهمة في نوبة من البكاء، وكأنها في تلك اللحظة أدركت جريمتها وفاقت من غفلتها ولربما شعرت بالندم في وقت لا ينفع فيه الندم، أمرت النيابة بحبسها وتحولت القضية لمحكمة الجنايات. 

وعلى مدار جلسات استمرت لعام كامل، شهدت المحكمة تفاصيل كثيرة، في البداية ادعت الأم أنها مريضة نفسيا خاصة وأنها تذهب لطبيب نفسي، فأمرت المحكمة بتحويلها لمستشفى الأمراض النفسية والعصبية لتوقيع الكشف الطبي عليها وبيان مدى سلامة قواها العقلية، وبعد ٤٥ يوما جاءت التقارير التي تؤكد أنها ليست مريضة، وأنها كانت مسئولة عن أفعالها وقت الجريمة، لذلك طالبت النيابة بتوقيع أقصى عقوبة عليها وهي الإعدام. 

ظلت القضية متداولة داخل ساحة المحكمة، وطول جلسات محاكمتها وهي منكسة الرأس لا تقوى على رفعها ولا مواجهة من حولها بجريمتها، حتى أسدلت محكمة جنايات المنصورة، وتحديدا الدائرة الثامنة، الستار عنها، حيث قضت المحكمة برئاسة المستشار ياسر بدوي سنجاب، وعضوية المستشارين محمد حسن عاشور، ومحمد صلاح البرعي، ومصطفى محمود محمد، بإحالة أوراق الأم المتهمة لفضيلة مفتي الجمهورية، لأخذ الرأي الشرعي في إعدامها، وحددت جلسة ٢٥ مايو المقبل للنطق بالحكم؛ ليكون بهذا الحكم عنوانا للحقيقة، ونتيجة طبيعية لقاتلة انتزعت من قلبها الرحمة، وستظل ترى ما فعلته كوابيس تنغص عليها حياتها حتى يأتي ميعاد تنفيذ الحكم. 

اقرأ أيضا :

;