في ظل الجمهورية الجديدة.. برامج الأوقاف تنجح في اقتلاع جذور التطرف

د. خالد صلاح و د. محمود خليل ود. سعيد حامد
د. خالد صلاح و د. محمود خليل ود. سعيد حامد

نجحت البرامج والأنشطة التى استحدثتها وزارة الأوقاف خلال السنوات الأخيرة في  تنفيذ خطة الوزارة التي حاربت بها الفكر المتطرف، ونشرت ثقافة الوعى لدى المواطنين وقامت بتحذيرهم من الأفكار المتشددة وبيان أضرارها البالغة على المجتمع، إلى جانب تحفيظ القرآن الكريم وتعليم أحكامه.

كما نجحت جهود الوزارة فى تقديم خطاب عصرى بأسلوب متميز وراق على يد علماء متميزين تم اختيارهم بعناية شديدة، إلى جانب السيطرة على المساجد وغل يد المتطرفين عنها.

ومن الإنجازات المميزة للوزارة والتى كان لها أكبر الأثر فى تنفيذ خطتها، إصدار سلسلة من الكتب الشاملة التى تتناول القضايا والمسائل الفقهية بهدف تزويد حصيلة علماء الوزارة بما يحتاجون إليه من معلومات تمكنهم من تفكيك الفكر المتطرف، والرد على الشبهات التى تثيرها الجماعات الإرهابية، ولم تغفل هذه الكتيبات المواطن العادى حيث عكفت الوزارة على إصدار بعض الكتيبات ذات الأسلوب المبسط الذى يفهمه القارئ العادى ويجد فيه ضالته.

للتعرف على الدور المهم الذى تلعبه أنشطة وزارة الأوقاف، ومدى تفاعل المواطنين معها، كان لنا هذه اللقاءات مع قيادات الأوقاف بالقاهرة.

قال الدكتور خالد صلاح، وكيل وزارة الأوقاف بالقاهرة، إن وزارة الأوقاف شهدت فى الفترة الأخيرة طفرة غير مسبوقة وانطلاقة قوية حيث حرصت على تفعيل الكثير من الأنشطة الدعوية، وابتكرت أنشطة جديدة غير مسبوقة مثل البرنامج الصيفى للطفل (حق الطفل)، الذى شاركت فيه مديرية القاهرة بشكل مميز وقامت بتفعيله داخل مساجدها، مؤكدا أن البرنامج ساهم فى احتضان الأطفال خلال العطلة الصيفية، وأسهم فى تعليمهم شئ من القرآن الكريم، وأحكام العبادات، ومبادئ الدين، والآداب والأخلاق.

إقبال كبير
وأشار إلى أن البرنامج شهد إقبالا كبيرا، ومشاركة فعالة من أولياء الأمور الذين شعروا بالأمان على أولادهم فى رحاب بيوت الله مع المتخصصين من أئمة الأوقاف، لافتا إلى أن الدروس المنهجية فى مختلف العلوم من عقيدة، وتفسير، وفقه، وحديث، وسيرة، جاءت على رأس البرامج التى فعلتها وزارة الأوقاف داخل مساجد الجمهورية، حيث شاركت فيها مديرية القاهرة بشكل متميز بهدف توعية الناس بأمور الدين على يد أهل العلم والاختصاص، إضافة إلى عدد 2 مجلس إفتاء للإجابة على أسئلة واستفسارات المسلمين بعيدا عن فوضى الفتاوى من غير أهل الاختصاص وبعيدا عن التساهل أو التشدد، كما شاركت بتفعيل مجالس الإقراء لشرح وبيان أشهر الكتب لكبار العلماء فى مختلف العلوم إحياء للتراث وثقلا لطلبة العلم وتزويدهم بكل ما يحتاجون إليه من معلومات حوتها أمهات الكتب.



مشاركة الأزهر
وأضاف الدكتور صلاح أن المديرية كان لها مشاركة متميزة مع علماء الأزهر الشريف من خلال تفعيل المنبر الثابت داخل العديد من مساجدها، إضافة إلى مقارئ القرآن الكريم على اختلاف أنواعها من مقارئ الأئمة، والجمهور، والمقارئ النموذجية، كما شاركت فى عقد سلسلة من الندوات والمحاضرات الخاصة بموضوعات معينة تهم المجتمع وتعالج بعض القضايا المهمة مثل: حرمة الدماء، والإيمان وأثره، مضيفا أن القاهرة قد حظيت بتفعيل الأسبوع الثقافى الذى يتناول موضوعات فى غاية الأهمية وقد شهد إقبالا كبيرا من جمهور ورواد المساجد، إضافة إلى المكتبات العامة بالمساجد، وقد زُودت بعدد من الكتب ذات الفكر المعتدل، وتفتح أبوابها يوميا للجمهور للقراءة والاطلاع لزيادة الوعى لديهم، فضلا عن الدروس اليومية للسادة الأئمة بمساجدهم وفق منهج وسطى معتدل بعيدا عن التشدد والغلو والتطرف وانطلاقا من قول الله تعالى «ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة».

وأكد وكيل وزارة أوقاف القاهرة أنه تحت القيادة الحكيمة للدكتور محمد مختار جمعة، تسعى وزارة الاوقاف جاهدة أن يكون لها كل يوم ما هو جديد من الأنشطة الدعوية والتثقيفية، التى وصلت إلى حد الأبتكار بحسب وصفه، لنشر صحيح الدين وفهم نصوصه فهما صحيحا من خلال المنهج الوسطى المعتدل بعيدا عن التشدد والغلو والتطرف.



وأشاد الدكتور محمود خليل، وكيل مديرية أوقاف القاهرة، بجهود وزارة الأوقاف الرامية إلى تعليم المواطنين كتاب الله، مؤكدا أن هذا الجهد محمود من قبل الوزارة التى تبذل الغالى والنفيس فى سبيل تثقيف أبناء الأمة بهدف رفعة المجتمع ووصوله إلى الريادة وأكد خليل على ضرورة تحفيظ أبنائنا القرآن الكريم فى سن مبكرة، لأن الطفل يمتلك ذاكرة بيضاء نقية، تساعده على الحفظ السريع، وتجعل من الصعب نسيانه، مبينا أن التعليم فى وقت الطفولة يكون أسرع وأكثر رسوخا من أى وقت آخر من عمر الطفل.

وأضاف أنه لو تأملنا فى حال كثير من أبناء المسلمين اليوم لرأينا الكثير منهم يرددون الأغانى والإعلانات ويحفظون أسماء لاعبى كرة القدم، بينما حفظ القرآن الكريم أو الحديث النبوى الشريف غير مدرج فى ذاكرتهم، ولو عاتبنا الآباء فى ذلك لوجدنا أن البعض منهم يستصعب حفظ القرآن ولا يدرك الإمكانيات الفذة لذاكرة طفله ويهمل استغلال هذه الملكة فى النافع والمفيد الذى يثرى عقل الطفل وفكره، بل ويتركون ذاكرتهم تمتلئ بتوافه المواد الإعلامية المتوفرة أمامها بلا ضابط أو رقيب.

وشدد وكيل مديرية القاهرة على ضرورة استغلال هذه الجوهرة التى يمتلكها أبناؤنا فى المراحل الباكرة من أعمارهم، وأنه يقع على عاتقنا مسئولية حسن استغلالها وتوظيفها لصالح الطفل فى دينه ودنياه، منوها إذا رتبنا ما ينبغى أن نحفظه لأبنائنا، فإن تعلم القرآن يأتى فى مقدمة هذه الأولويات فى فترة الطفولة المبكرة التى تبدأ من عمر ٣ إلى ٦ سنوات، حيث يكون عقل الطفل فى هذه المرحلة يقظا، وملكات الحفظ لديه نقية، ورغبته فى المحاكاة والتقليد قوية.

وأشار إلى التوجيه النبوى للآباء والمربين على ضرورة تعليم الأبناء القرآن الكريم، فقد أخرج الطبرانى عن على كرم الله وجهه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال:» أدبوا أولادكم على ثلاث خصال: حب نبيكم وحب آل بيته وتلاوة القرآن فإن حملة القرآن فى ظل عرش الله يوم لا ظل إلا ظله مع أنبيائه وأصفيائه»، وأن الأجر لا يقتصر على الأبناء بل يمتد إلى الآباء الساعين لتعليم أبنائهم كتاب الله تعالى، فقد روى الحاكم أن النبى صلى الله عليه وسلم قال:» من قرأ القرآن وتعلمه وعمل به ألبس يوم القيامة تاجاً من نور ضوؤه مثل ضوء الشمس، ويكسى والداه حلتين لا يقوم بهما الدنيا، فيقولان بما كسينا هذا؟ فيقال: بأخذ ولدكما القرآن.».

نماذج صالحة
من جانبه أكد الدكتور سعيد حامد مبروك، مدير الدعوة بالقاهرة، أن من أشد المزايا التى تتوافر داخل أنشطة وزارة الأوقاف بالمساجد حرص المعلمين الشديد على الحفاظ والأهتمام بعقول الشباب والنشء، وملئها بتعاليم الدين الإسلامى الحنيف التى تحث على الخير والتعايش السلمى وقبول الآخر، وأن ديننا لا يعرف غلوا أو تشددا وينبذ كل تطرف وإرهاب، الأمر الذى كان بمثابة الصفعة المدوية على وجه أعداء الدين والوطن.



الاهتمام بالقرآن
وأشار إلى أن اهتمام الأوقاف بتعلم القرآن وتعليمه جاء من مقصد أن حفظ القرآن يسهم فى حفظ المجتمع، معللا ذلك بأن الشباب الحافظ لكتاب الله مفخرة للمجتمع، فهم نماذج الشباب الصالح الذى يحمل عبء النهوض بمجتمعه، كما أن حفظ القرآن يسهم إسهاما كبيرا فى توجيه طاقات الشباب، وحفظ المجتمع من شر جنوحهم فيما إذا تركوا دون توجيه أو إرشاد، متابعا أنه يلحظ هذا الأثر القوى للشباب الذى يلتحق بالأنشطة داخل المسجد فى تغير سلوكهم ومواظبتهم على الصلوات، مما يخلق فى المنطقة توجها عاما على المحافظة على الصلوات والمسابقة إليها.
وأكد مدير الدعوة أن حفظ القرآن الكريم ينشر بين الناس الفضيلة والأخلاق الحسنة التى يتحلى بها من التحق بحلقات الذكر لتعلم كتاب الله تعالى ومدارسته، وكذلك المجتمعات تنتشر فيها الفضائل، وتعمها الأخلاق الحسنة لوجود حفظة كتاب الله تعالى، و بركتهم وذلك من خلال مجالسهم الطيبة، واتصافهم بصفات المؤمنين التى يحث عليها القرآن الكريم، والنبى صلى الله عليه وسلم فى قوله: «مثل الجليس الصالح والجليس السوء كمثل صاحب المسك، وكير الحداد لا يعدمك من صاحب المسك إما تشتريه، أو تجد ريحه، وكير الحداد يحرق بدنك، أو ثوبك، أو تجد منه ريحا خبيثة».

برامج ناجحة
وأضاف الشيخ كامل عبدالله بمديرية أوقاف القاهرة، أن وزارة الأوقاف قد أحسنت بإقامة مثل هذه البرامج التى كان الناس فى حاجه إليها، فى ظل الظروف التى كانت تحاول الجماعات المتطرفة استقطاب الشباب والنشء إلى صفوفهم، وتسميم عقولهم بهدف إثارة الفتن والإضطرابات فى المجتمع، مشيرا إلى أن ما أدخل السرور على قلبه مدى الإقبال على المشاركة فى البرامج التى أقيمت داخل مساجد المديرية، وما لمسه من وعى لدى المواطنين وحب وأمتنان كبير لعلماء وزارة الأوقاف الذين يثقون فى علمهم الوسطى الذى تربوا عليه داخل مؤسسة الأزهر الشريف.



البرنامج الصيفى
وأشار إلى أن أهم الانشطة التى شهدتها مساجد المديرية ولاقت تفاعلا كبيرا، البرنامج الصيفى للطفل والذى يهدف إلى تحفيظ النشء القرآن الكريم فى سن مبكرة وتعليمهم مبادئ الدين، وكذلك الدروس المنهجيه فى تفسير القرآن الكريم، ومقرأة الجمهور لتصحيح القراءة وتعليم أحكام التجويد، والمقرأه النموذجيه.

ودعا الشيخ محمد ندا، من علماء الأوقاف بالقاهرة، الأهالى إلى ضرورة تحقيق الأستفادة القصوى من الأنشطة التى تقام داخل مساجد الأوقاف، مؤكدا أن مثل هذه الأنشطة هى فرصة عظيمة لمن أراد أن يحفظ كتاب الله بشكل سليم ومتقن، إضافة إلى رفع وعى المواطنين ضد الأفكار المنحرفة وتزويدهم بالقدر الكافى الذى يجعلهم ملمين بأساسيات الدين الحنيف والقدرة على الإجابة على الكثير من المسائل الفقهية التى تحيط بجوانب حياتهم الشخصية والعامة.



ترحيب الأهالي
وأضاف أن الأهالي رحبوا بأنشطة الأوقاف داخل مساجد الأوقاف ودفعوا بابنائهم إلى اللحاق بها، لكنه يأمل أن يشارك فيها الجميع .