القراءة غذاء للروح وشفاء للجسد

القراءة غذاء للروح
القراءة غذاء للروح

منصورة عز الدين

فى إطار الحث على القراءة، كثيرًا ما نشير إلى فوائد من قبيل التثقيف وتوسيع الآفاق والاطلاع على تجارب بشر آخرين ومعرفة ثقافات بعيدة عنا، إلى آخر هذه الفوائد المعنوية. لكن هل للقراءة منافع مادية أو بمعنى أدق جسدية؟ لا يندرج سؤال كهذا فى خانة الأمنيات أو الخيالات والأوهام، فقد أثبتت دراسات علمية حديثة أن القراءة تمنع التدهور الذهني، وتحسن النوم، وتخفض ضغط الدم. وأثبتت إحدى الدراسات أن قراء الكتب أعمارهم أطول من رفاقهم من غير القراء بسنتين. 

جاء هذا فى مقال نشرته «ذا أتلانتيك» مؤخرًا لألكسندرا مو، تحت عنوان «نحن جميعًا نقرأ بطريقة خاطئة»، وذكرت فيه أيضًا أن القراءة الصامتة لم تكن معروفة للقدماء، فحتى القرن العاشر الميلادي، اعتاد الناس القراءة بصوت مرتفع. 

وقد ثبت، وفقًا للمقال، أن هذا النوع من القراءة له مزايا إضافية، إذ يمكنه تحسين مزاج القارئ وتعزيز قدرته على التذكر. هذا بخلاف أننا حين نقرأ بصوت مرتفع لآخرين نعمق الرابطة بيننا وبينهم، لذا فالآباء الذين يقرأون لأطفالهم تتسم علاقتهم بهم بالدفء والحميمية. 

وبحسب نواه فورِن الذي أجرى أبحاثًا فى العلاقة بين القراءة والذاكرة بجامعة واترلوو بكندا، تتضمن القراءة بصوت مرتفع عمليات عديدة: النطق والاستماع ومرجعية الذات باعتبار أن الشخص قد ذكر المعلومة المقروءة بنفسه، وكل هذه العمليات تنشط الجزء المسؤول عن الذاكرة فى المخ. 

وفى دراسة أجريت عام 2012، اتضح أن الطلاب الذين استذكروا قائمة كلمات قرأوها بصوت عالٍ، تذكروا 90% منها بعد قراءتها مباشرة، فى مقابل نسبة 71% للطلاب الذين قرأوها قراءة صامتة. وبعد أسبوع تذكر الطلاب 59% من الكلمات المنطوقة بصوت عال فى مقابل نسبة 48% من الكلمات المقروءة بصمت.

اللافت أن معظمنا لم يكن فى حاجة إلى مثل هذه الأرقام والنسب لمعرفة أن استذكار الدروس بصوت مرتفع يجعلها تثبت فى الذاكرة لوقت أكبر كما يساعدنا على فهمها على نحو أعمق، فكثير من الطلاب يستذكرون دروسهم بهذه الطريقة بشكل فطري، وإن كانت قراءة الكتب أمرا مختلفا، إذ مع الوقت انتقلت من كونها نشاطا صاخبا يتطلب النطق من القارئ والاستماع من الآخرين، إلى كونها نشاطا فرديا هادئا وحميما. ورغم معرفتنا بفوائد القراءة بصوت مرتفع وفقًا للدراسات الحديثة، أشك أن كثيرين من القراء قد يغيرون من عاداتهم الأليفة فى القراءة.

لكن أهم ما نخرج به من مقال ألكسندرا مو أن القراءة يمكن أن تمثل علاجًا فعليًا للكثير من الأمراض والاضطرابات وأنها ليست فقط «غذاء الروح» كما اعتاد البعض وصفها، بل أيضا فيها شفاء للجسد.