غابت وزارة الأوقاف أو على الأقل دورها وغابت سائر المؤسسات  الدينية فاحتل مكانها آخرون بأجندات متنوعة لذا يجب أن يكون العود أحمد في عصر الانترنت وشبكات التواصل الاجتماعى لا يكفى معالجة قضايانا خاصة الجدلية منها على طريقة المطرب الشعبى الكبير شعبان عبد الرحيم »بس خلاص« بل بالمناقشة العلمية الرصينة من قبل لجان علمية متخصصة وليس بالمنع أو الترهيب أو التنكيل فكلها أساليب لم تعد مقبولة ولا تساير العصر بل تضر أكثر مما تنفع وتفرق أكثر مما تجمع. رغم عدم إيمانى المطلق بنظرية المؤامرة لكننا أصبحنا نواجه كل يوم بقضية جدلية وخلافية جديدة لاشك أن وراءها جهات تستهدف تشتيت أفكار الأمة وشغلها عن قضاياها المصيرية مستغلة فراغ مؤسساتى نعايشه للأسف الشديد منذ أكثر من ثلاث سنوات.. انشغلنا لفترة بفتوى غريبة عن إرضاع الكبير وبعدها جدل حول عذاب القبر والآن يفجر الشيخ محمد عبد الله نصر خطيب التحرير والملقب بالشيخ ميزو بالتشكيك فى بعض الأحاديث الواردة بكتاب صحيح البخارى الذي  يعد أحد المصادر الأساسية للسنة المطهرة مستدلا بحديث القرد والقردة. لست بصدد الخوض فى تفاصيل ما يقوله ميزو وردود علماء الدين عليه لكن ما يهمنا هو التساؤل: لماذا هذه القضايا الخلافية فى هذا التوقيت.. وهل حللنا كل مشاكلنا للخوض شعبيا فى أمور دينية متخصصة يجب ألا يتحدث فيها غير علماء الدين والجهات الشرعية المنوطة رسميا بالحديث عن الدين وفى مقدمتها الأزهر الشريف ووزارة الأوقاف.. ولا يكفى هنا تسفيه الشيخ ميزو وتقزيمه علميا ووصفه بالهجص أو الجهل ومطالبة د. محمد مختار جمعة بالقبض عليه بل بتشكيل لجان من هيئة كبار العلماء وإعلان ما تتفق عليه اللجان الشرعية منعا لجدل ومناظرات إعلامية قد تكون هدفا  فى حد ذاتها للإثارة وتسخين الحلقات. ولعل مسلسل مغامرات ميزو يجعلنا ندرك إلحاحية تجديد خطابنا الدينى الذى أعتبره المسئول الأول عما نشهده من تشدد دينى يقود للتكفير ومن ثم الإرهاب.. على وزارة الأوقاف وهى المسئول التنفيذى الأول عن المنابر أن توسع مداركها حول مفهوم المنبر الذى لم يعد يقتصر على المكان المخصص لوقوف الخطيب فى الجوامع والمساجد أو الزوايا فالمعلم فى المدرسة أو المعهد الدينى منبر قد يفوق خطره خطيب المسجد ووسائل الإعلام مسموعة ومرئية ومقروءة أيضا منابر والأخطر من كل هذا شبكات التواصل الاجتماعى التى أصبحت محيطا غير متناهى الأطراف يموج بمختلف الأمواج والاتجاهات دون ضابط أو رقيب. مفهومنا الضيق عن المنابر هو من أفرز ما يسمى بخطيب التحرير فمعلوماتنا المتواضعة أن ميدان التحرير ليس به سوى مسجد واحد فقط هو عمر مكرم.. معلوماتنا أيضا أن وزارة الأوقاف أو بعض موظفيها لديهم الضبطية القضائية فلماذا إذن يطالب وزير الأوقاف بالقبض على ميزو مادام يمتلك هذا الحق.. يقينا لن يكون ميزو الأول والأخير فى مسلسل إثارة الجدل ومدمنى الشهرة وعلينا الانتباه لأن المواجهة لابد وأن تكون بالمناقشة والإقناع وإصدار رأى شرعى واضح متفق عليه من جمهور العلماء والالتزام به وليس بنظام التابوهات التى لا يمكن الاقتراب منها فنحن نعيش عصرا بلا أبواب ولا نوافذ ولا شرفات أى «على المكشوف ولم يعد هناك كسوف».  باختصار.. غابت وزارة الأوقاف أو على الأقل دورها وغابت سائر المؤسسات  الدينية فاحتل مكانها آخرون بأجندات متنوعة لذا يجب أن يكون العود أحمد أى بأساليب تواكب العصر.. فهل استعددنا أو تأهبنا لذلك؟ لا أظن.   حرف ساخن: حتى التقليد له أصول وإلا جاء مسخا مثل المخلوق العجيب.. هكذا مسلسل سرايا عابدين الذى جاء نسخة مزيفة للمسلسل التركى الناجح والمبهر فى كل عناصره  حريم السلطان.. مسلسلنا جاء مليئا بالأخطاء التاريخية وصور الخديو إسماعيل صاحب الإنجازات الكبيرة فى التعليم والصحة والنقل والرى والتعمير مجرد «سلطان للحريم».. كفانا تشويها لتراثنا.