أحس غالب المصريين بالثقة في صدق السيسي ، وهذه الثقة هي العصا السحرية الكفيلة بتوليد المعجزات ، وقد صنعت بالفعل معجزات حية وضع الرئيس عبد الفتاح السيسي إصبعه علي الجرح، واختصر الطرق ، وحدد الهدف من حرب الإرهاب علي الدولة المصرية ، وقال في وداع الشهداء »الهدف هو إحداث الوقيعة بين الشعب المصري وقيادته»‬، ونشر الإحباط وروح اليأس ، وكسر إرادة الجيش المصري .   وقد لايكون من مبرر لقلق علي الجيش المصري ، فقد كان الجيش وسيظل مبعث فخر المصريين ، وهو قادر بعون الله علي كسب الحرب ، وعلي تعلم الدروس والعظات والعبر ، وعلي تجاوز أخطاء التقصير الميداني العابرة ، وعلي سحق جماعات الإرهاب المسلح في شرق سيناء ، ولا تزيده المحن والتضحيات إلا عزيمة وعنادا وإصرارا علي الثأر للشهداء ، تدعمه إجراءات الطوارئ الأخيرة ، وتطلق يده ، وتضاعف سيطرته علي مسرح العمليات ، ومقدرته الممتازة علي تحصين أمن جنوده وضباطه ، وضمان الأمن القومي في جميع الإتجاهات الاستراتيجية شرقا وغربا وشمالا وجنوبا ، فالخطر يتناوش بلادنا من كل جانب ، وليس أقدر من جيشنا العظيم علي ردع الخطر مهما كبر .   والمهمة في سيناء أبعد من مجرد تصفية الإرهاب ، فالجيش يخوض معركة عنوانها التحرير الحقيقي لسيناء ، وبعد أن ظلت يد الجيش مغلولة ، وعلي مدي عقود لحقت إبرام ما يسمي معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية ، والتي انتهت ملاحقها الأمنية إلي نزع سلاح غالب سيناء ، وبعمق يصل إلي مئة وخمسين كيلو مترا ، وهو ما جعل من شرق سيناء مرعي لقطعان الإرهاب وعملاء الموساد الإسرائيلي ، وجعل الدولة المصرية آخر من يعلم بما يجري هناك ، ولم يعد الجيش إلي أرضه إلا بعد خلع مبارك ثم عزل مرسي ، وبثورة الشعب المصري في 25 يناير 2011 وموجتها الأعظم في 30 يونيو 2013 ، فقد خلقت ثورة الشعب واقعا جديدا ، وغيرت موازين القوي دراماتيكيا ، وهو ما فهمته القيادة الجديدة ، وتصرفت علي أساسه ،  وبتكتيك وطني صامت دءوب ، ودفعت بقوات الجيش إلي المناطق التي كانت منزوعة السلاح ، وذهبت قواتنا إلي ملامسة خط حدودنا التاريخية مع فلسطين المحتلة ، وعادت طائراتنا العسكرية تحلق في المناطق التي كانت محظورة ، وعادت سفننا الحربية إلي المواني المهجورة ، وأعادت سيادتنا العسكرية علي كل أراضي سيناء ، وفي تحول طفري بلا مثيل منذ ما قبل هزيمة 1967 واحتلال سيناء ، فلم تعد سيناء »‬كاملة لينا» مع المعاهدة إلا في أغنية شهيرة للمطربة شادية ، لم تعد سيناء كاملة لنا بحق إلا الآن ، ومعركة جيشنا الراهنة هي استكمال التحرير الحقيقي ، وتطهير وتمشيط الأرض المستعادة ، واقتلاع أوكار العمالة والإرهاب وتجار البشر والمخدرات والأنفاق .   وقد كانت المعركة في سيناء دائما عنوانا للحرب علي مصر ، وكانت عودة سيناء منقوصة السيادة ـ عسكريا ـ  تهدف لتسهيل إحتلال مصر أمريكيا ، وقد أرادوا إعادة سيناء لمصر علي الطريقة التالية ، وهي أن يعيدوا لمصر يدها ويأخذوا عينيها ، وهذا عين ماجري خلال عقود سبقت الثورة المصرية من 25 يناير إلي 30 يونيو ، فقد جري احتلال قرارنا السياسي والاقتصادي والثقافي ، وجري تجريف أصولنا الاقتصادية والصناعية  بالذات ، وجري تهميش الدور المصري في المنطقة من حولها ، وتوريث الدور المصري لإسرائيل وتركيا وإيران علي اختلاف النوايا والنوازع ، وطبيعي أن تفزع هذه الأطراف كلها من صحوة مصر بعد الثورة ، ومن عودة الجيش المصري إلي سيناء ، ومن استرداد مصر لعينها المفتوحة علي الشرق ، ومن استعادة وحدة الجيش والشعب ، ومن سريان روح الثقة والأمل في قطاعات متزايدة من الشعب المصري ، ومن نزعة الاستقلال النامية في قرارنا الوطني ، والتطلع لبناء مصر الجديدة القوية القادرة ، والتي تودع عصور الضعف والمهانة والإستسلام ، وتزيل الغشاوات عن الأبصار ، وتمد جسور العبور إلي مستقبل ، تكون فيه الكلمة للشعب المتحد مع جيشه ، لا للنهابين والإرهابيين وعملاء الأمريكيين والإسرائيليين .   نعم ، المعركة ليست فقط علي خط النار في شرق سيناء ، بل الجبهة ممتدة إلي عمق الداخل ، وقد أحس غالب المصريين بالثقة في صدق السيسي ، وهذه الثقة هي العصا السحرية الكفيلة بتوليد المعجزات ، وقد صنعت بالفعل معجزات حية ، وعلي طريقة التمويل الشعبي الأسطوري الفوري لمشروع قناة السويس الجديدة ، فالناس تثق بالإنجاز حين تثق بصاحبه ، وهدف حرب الإرهاب هو إحداث شرخ في الثقة ، أو كما عبر السيسي »‬إحداث الوقيعة بين الشعب وقيادته»، وقطع الطريق علي سيرة النجاح المصري الجديد ، والذي بدت بوادره في مشروعات إنجاز كبري ، بينها ما يجري ، ومنها ما ينتظر ، وفي سياق من ترقب الشعب المصري بقواعده الواسعة ، وانتظاره لقرارات حسم سياسي واقتصادي واجتماعي تسند الحسم العسكري .   وأقصر طريق لهزيمة الإرهاب هو تصفية الفساد ومليارديرات المال الحرام ، فالفساد ينهش في جسد الدولة ، وبأسوأ مما تفعل عمليات الإرهاب ، وعصابة الفساد هي صنو لجماعات الإرهاب ، وتفشي الفساد يزود الإرهاب بذخيرة هائلة في الحرب النفسية ، ويضعف متانة وتماسك الجبهة الداخلية ، ويسهل مهمة إحداث الوقيعة بين الشعب والقيادة ، وينشر مشاعر الضيق والقلق والقابلية لتصديق الشائعات المهلكة ، فنحن في حرب كبري ، وهي حرب وجود بامتياز ، ولا بديل لنا فيها سوي تحقيق النصر ، فلا يحتمل البلد تكرار الفشل ، والطريق لكسب الحرب واضح بغير التباس ، وهو تعزيز الثقة الشعبية بقرارات القيادة ، وبمقدرتها علي خوض حرب تطهير تسند حرب التحرير ، وتشفع الميل إلي الإنجاز بانحياز حاسم لأوسع الطبقات والفئات الشعبية ، انحياز حاسم للفقراء والطبقات الوسطي ، وهم ملح الأرض وأغلب الشعب وخيرة ضباط الجيش وجنوده ، وهم الذين يدفعون الثمن بدم الشهداء ، ويصنعون الحياة بالعرق والدموع والإبداع ، ويواصلون بطولة البقاء علي قيد الحياة ، وفي ظروف شديدة القسوة ، وتحملوا فواتيرهم  كاملة لإنقاذ الاقتصاد ، ويأملون في استرداد سيادة مصر وحقوقها المنهوبة ، وتصفية الحساب مع ذئاب الإرهاب وأباطرة الفساد بضربة واحدة ، وهذا هو الطريق الوحيد لإحباط حرب الوقيعة .