ما رأيك أن نعقد عهداً جديداً مع الله.. ابدأ بذكره الآن.. فسبحان الله وبحمده ١٠٠ مرة مثلا يغفر الله لك بها ذنوبك في قلب أيام الفرحة والبهجة في العشر الأوائل من شهر ذي الحجة جاءني خبر رحيل أحد أعز أصدقائي أراد الله أن يقبضه في أغلي الأيام وأكثرها شأنا عنده.. هكذا الموت يأتي بغتة.. واعذروني أن أكتب هذه المساحة عنه تنفيذا لوصية الحبيب صلي الله عليه وسلم »أكثروا من ذكر هادم الملذات»‬ يعني الموت.. ومع ذلك فما أن تأتي سيرته حتي يتأذي الناس ويستبدلون الحديث عنه بالحديث عن غيره كراهية له رغم انه حق، وعلي كل إنسان أن يفكر باستمرار انه لن يستمر في هذه الدنيا ويخلد فيها وأن حياته ليست إلا مرحلة يقضيها وينتقل منها إلي ما بعدها في طريقه إليالله. ومع ذلك فهي أهم مرحلة حيث يتوقف علي أدائه فيها ونجاحه في اختباراته سهولة أو صعوبة كل المراحل اللاحقة.. وقد كنت دائما أميل إلي تذكر الموت وأنصت باهتمام بالغ لكل من يتحدث عنه.. إلا أن أول مواجهة لي معه كشفت لي عن أشياء لم أعهدما في نفسي، فعندما ألمت بي نازلة صحية وقع في نفس الظن بأني راحل.. وما أن استقر هذا الإحساس حتي رأيتني أقف برهبة أمام بوابة الموت! ولم أخف ولكنني شعرت بالأسف لأنني لم استعد للقاء الله بما يكفي..  بل رأيتني ظلمت كثيرا وتجاوزت كثيرا في حق نفسي وحق الآخرين وخشيت أن تتبدد حسناتي وأنا أري كل من ظلمته ينال منها جانبا.. بل انني نظرت بعين الخيال لحياتي فرأيت عشرات الأبواب الرائعة أنال منها رضا الله أغفلتها وسهوت عنها.. ورحت أؤنب نفسي عليها!.. ها هو القرآن مثلا كم حفظت منه ووعيت؟  وها هو عملي ومالي كم راعيت وأديت فيه حق الله! وها هو وقتي وصحتي كم دفعت عنهما الضريبة المفروضة علي نعمة الإسلام التي جاءتني علي طبق من ذهب دون طلب ودون أن أدفع فيها شيئا؟! فأنا وأنت أصبحنا من أمة حبيبنا رسول الله أحب أمة إلي الله وأول أمة تدخل الجنة دون سداد رسوم أو أداء حقوق!.. ورأيت تقصيري في رعاية أناس هم أصحاب حق عليّ.. بصراحة خفت.. وتطلعت إلي السماء.. يارب اعطني فرصة.. ورحت ألح علي الله فرصة أصحح فيها ما أخطأت وأعوض فيها ما ضاع! وأعطاني الله الفرصة.. فقد انتهت الوعكة وراحت الأزمة.. وراح معها بغرابة شديدة ذلك الوعي والتركيز.. وكأن »‬ريما» التي لا تفهم الدرس أبداً عادت لتلعب لعبتها القديمة.. فحياتي استقامت علي ما كانت عليه.. لم ألمح تعديلا أو تبديلا يذكر في معرض الإصلاح.. تري ماذا انتظر والفرصة بين يدي؟!.. والغريب انني حكيت قصتي لأحد أصدقائي فإذا به يضحك ويقول ما مرّ بك مرّ بي مثله.. نسأل الله ان يثبتنا علي الحق وأن يهدي قلوبنا إليه فلا تصبح الدنيا هي أكبر همنا.. وإنما يجعل الآخرة هي الأكثر أهمية والأكثر طلبا وإلحاحا! فليس بعد الموت فرصة جديدة.. ولكن الله رحمة بنا يعطينا جميعا الفرصة بعد الفرصة ويموت كثير من الناس من حولنا لنفهم ان الدور قادم علينا ومع ذلك لا ننتبه ونتجاهل رغم ان الإنسان إذا مات لتمني أن يعود إلي الحياة ولو للحظة واحدة يقول فيها »‬سبحان الله» بعد أن يكون قد عرف قيمتها وأدرك حقيقتها عند الله.. ورغم اننا نعيش الآن والفرصة أمامنا.. فإننا مع ذلك نقصر في ذكره.. ونقصر في طاعاته.. ولو سألت أي إنسان عند الموت: هل كان بوسعك أن تعبد الله أفضل وأعمق وأكثر مما عبدت؟ لوجدته يؤكد: نعم كان بوسعي.. ولكن قصرت! »‬وقالوا لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير». ما رأيك أن نعقد عهداً جديداً مع الله.. ابدأ بذكره الآن.. فسبحان الله وبحمده ١٠٠ مرة مثلا يغفر الله لك بها ذنوبك ولو كانت مثل زبد البحر! فاللهم ببركة هذه الأيام الفاضلة اهد قلوبنا ووفقنا إلي ما يرضيك عنا.. قولوا آمين..