ليس أمامنا سوي الاتحاد والعمل علي قلب رجل واحد.. فالسفينة »‬عربية» ولا مكان عليها لغير شعوبنا.. والأمر ليس بالهين ولكنه ليس بالمستحيل إذا اتحدنا وأسقطنا عدونا المشترك »‬الإرهاب» ومن يدعمه. من يتابع الأحداث منذ عام 2004،يجد أن نشأة»داعش» تعود للأردني »‬أبو مصعب الزرقاوي»عندما شكل تنظيم »‬جماعة التوحيد والجهاد» في العراق مُعلناً مبايعته لتنظيم القاعدة، ليصبح ممثلا لها في المنطقة كتنظيم جهادي ضد القوات الأمريكية إبان احتلالها للعراق.. حتي خرج الزرقاوي قبل مقتله مباشرة عام 2006مُعلنا تشكيل »‬مجلس شوري المجاهدين» بزعامة عبدالله رشيد البغدادي الذي عين أبوحمزة المهاجر زعيما للتنظيم في العراق، إلي أن قُتلا جراء قصف جوي أمريكي في أكتوبر 2010.. ليتم اختيار أبي بكر البغدادي خليفة لأبي عمر البغدادي، والذي يمثل اليوم (أمير الدولة الإسلامية في العراق والشام)، واسمه الأصلي »‬إبراهيم البدري» من عائلة سلفية تكفيرية، درس حتي درجة الدكتوراه بالجامعة الإسلامية في بغداد، وتم احتجازه عامين بأحد السجون الأمريكية ليخرج عام 2006 ويستمر في أنشطته دون الإعلان عن نفسه، حتي تسلم مقاليد تنظيم الدولة الإسلامية في العراق قبل ثورات الربيع العربي بشهور قليلة ليُعلن الدولة الإسلامية في العراق والشام، مستغلاً الحرب الأهلية السورية للإندماج مع »‬جبهة النصرة» في سوريا في أبريل 2013، أي قبل سقوط الإخوان في مصر بشهور أيضاً. »‬استخرت بين مبايعة الله ومبايعتك فاخترت الله».. رسالة رد بها البغدادي علي الظواهري مُعلناً إنشقاقه عن القاعدة واختلافه معه الواضح في إصراره علي قتال كتائب المعارضة السورية، واعتبار الجيش السوري الحر مرتدا، رافضا لأمر الظواهري بانفصاله عن جماعة »‬جبهة النصرة»التكفيرية وترك الأمور في سوريا.. واليوم يسحب بعض قواته منها مضطراً لسد الخسائر التي مُني بها في العراق.. فلم تنصره تكبيرات الذبح الكاذبة للعُزْل أمام طلقات »‬أكراد البمشركة» في سوريا ولا قصفات المقاتلات الأمريكية في العراق. أما التنظيمات الإرهابية بالمنطقة فهي تقاتل تحت راية »‬داعش» ومنها من أعلنت مبايعتها له، أهمها »‬أنصار بيت المقدس» في مصر.. و»فجر ليبيا» و»مجلس شوري الإسلام» في ليبيا.. و»جند الخلافة» في الجزائر.. و»كتيبة عقبة بن نافع» و»أنصار الشريعة» في تونس.. و»شباب المجاهدين» في الصومال.. و»بوكوحرام» في نيجيريا،أما تنظيم »‬الإخوان» فقد أفرز بعضها وينسق مع الآخر، فتلك الجماعات المتطرفة لا تزيد عن كونها أزرع عسكرية لتنظيم »‬الإخوان» الذي يبادلهم المصالح ويستمد جزءا من نفوذه علي أجهزة المخابرات الدولية من قدرته علي التأثير في هذه التنظيمات وعقد الصفقات الخفية. وقد نوهت في مقال سابق عن سعي أمريكا لتحقيق أهدافها في المنطقة بإشعال حرب »‬شيعية/سنية» طائفية شكلاً وطامعة موضوعاً.. ولكن التنظيمات الإرهابية الأكثر طمعاً خرجت عن المضمار ولم تعد الأمور تحت السيطرة.. ولم يتبق بعد تعثر مشروع الشرق الأوسط الكبير سوي محاولة الإبقاء علي ما تبقي لتكون تركياً عموداً فقرياً للشرق الأوسط، ولكن مصر لها بالمرصاد. ولكي نتعرف علي الأجدر بدعم بنيان الوطن العربي،يجب أن نستعرض مواقف البلدين تجاه الأمن الإقليمي للمنطقة.. فنجد أن مصر قد أعلنت تصديها للإرهاب، فكما أن أمن الدول العربية من أمن مصر، فكذلك أمن مصر من أمن الدول العربية،أما تركيا فتري أن أمن الوطن العربي يتعارض مع أمنها،فتعاظم واتحاد الدول العربية يتعارض مع مصالحها المبنية علي قلب الأنظمة العربية غير الإخوانية، وكونها عضواً بحلف الناتو (الأقوي تسليحاً) لا قيمة له بدون عضويتها بالإتحاد الأوروبي (الأقوي حصانة).. مصر تهدف إلي موقف عربي مشترك ضد التوسع الاسرائيلي والاطماع العثمانية والفارسية من جهة، وضد الإرهاب من جهة أخري، أما تركيا فتهدف لإسقاط النظام السوري كعدو عرقي داعم للأكراد، وطائفي حليفاً لإيران، وأيضاً القضاء علي الأكراد المتصدين لداعش.. مصر تهدف لإنشاء قوة عربية موحدة تدافع عن أمن واستقرار دولها بأرواح أبنائها، أما تركيا فهدفها أمنها واستقرارها علي حساب من يحارب نيابة عنها (داعش ومبايعيه، وجيوش الحكومات الإخوانية) للقضاء علي الأنظمة العربية غير الإخوانية.. فعلاً مصر تستحق مقولة »‬مُجبرٌ أخاك (وهو) بطلٌ». ليس أمامنا سوي الاتحاد والعمل علي قلب رجل واحد.. فالسفينة »‬عربية» ولا مكان عليها لغير شعوبنا.. والأمر ليس بالهين ولكنه ليس بالمستحيل إذا اتحدنا وأسقطنا عدونا المشترك »‬الإرهاب» ومن يدعمه.