تحقيق التنمية المستدامة التي تتلازم فيها التنمية الاقتصادية والتنمية الاجتماعية يستلزم إستعادة الدور الاجتماعي للتأمينات الاجتماعية لاشكأن هناك إصرارا من حكومة مصر الثورة علي تحقيق الأهداف التي نادت بها الجماهير عام 2011 مطالبة بالعيش وبالعدالة الاجتماعية.. وذلك يعني تلازم التنمية الاقتصادية والتنمية الاجتماعية في خطط التنمية.. كانت هذه الفكرة هي محور حديثي مع الأستاذ الدكتور سامي نجيب أستاذ التأمين في الجامعات المصرية وخبير الحماية الاجتماعية بمنظمة العمل العربية من خلال إتصال تليفوني.. وقد بدأ سيادته بأن طبيعة نظم التأمينات تؤثر وتتأثر بالتطورات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية في الدولة.. فتأثرت قوانين التأمينات في مصر عند إصدارها خلال ستينيات القرن الماضي بالتوجهات الاشتراكية التي اهتمت بالبعد الاجتماعي للتنمية والذي تلازم مع التنمية الاقتصادية حتي بداية السبعينيات.. وكان للتأمينات الاجتماعية دورها في تعبئة المدخرات القومية طوال هذه الفترة وتوجيهها لبناء البنية التحتية للاقتصاد المصري.. واستمر هذا الدور طوال فترة الثمانينيات من خلال بنك الاستثمار القومي الذي ألزم قانون إنشائه صناديق التأمينات بتحويل فوائضها إليه.. وأصبحت أموال التأمينات مصدرا رئيسيا من مصادر تمويل البنك.. واستمر هذا التلازم للتنمية الاقتصادية والاجتماعية حتي تأثرت السياسات الاقتصادية في مصر بما عرف بالليبرالية الجديدة التي سادت العالم خلال التسعينيات وكانت أهم توجهاتها هو انسحاب دور الدولة تماما من النشاط الاقتصادي.. واختفي البعد الاجتماعي وبالتالي التنمية الاجتماعية من سياسات الحكومات المتتالية في مصر.. وأضاف سيادته، ونري ذلك في تغير سياسات الحكومة عام 2005 /2006 وإهتمامها بالدور الاقتصادي للتأمينات الاجتماعية في تعبئة المدخرات القومية دون تلازم ذلك مع دورها الاجتماعي إلي الحد الذي أدي إلي إلغاء وزارة التأمينات عمليا لتصبح أحد القطاعات التابعة لوزير المالية.. وتوقف بالتالي الدور الاجتماعي للتأمينات وعدم إمتداد الحماية الاجتماعية إلي باقي فئات القوي العاملة.. وانتهي الأمر عام 2007 إلي إلغاء القانون رقم 112 لسنة 1980 بنظام التأمين الشامل.. والذي يغطي بالحماية الاجتماعية أكثر من 5 ملايين  من العاملين كعمالة غير منتظمة أغلبهم من صغار العاملين في الزراعة والصيد والثروة الحيوانية والباعة الجائلين.. لدرجة حذف بياناتهم من الحاسب الآلي لصندوق التأمينات قبل إلغاء وزارة التأمينات.. رغم تواجدها بالتقارير السنوية لهيئة التأمينات.. وامتدت عدوانية السياسات الحكومية بقيادة وزير المالية ومساعديه في هذا الوقت إلي استصدار قانون بتفريغ التأمينات الاجتماعية من مضمونها التأميني.. وهو القانون 135 لسنة 2010 والذي عرف بالقانون سييء السمعة.. كنظام إدخاري تتحدد المعاشات فيه وفقا للأرصدة المالية في الحسابات الشخصية للعاملين التي تراكمت من اشتراكاتهم وريع استثمارها.. وليس وفقا لاحتياجاتهم عند تعرضهم لأحد الأخطار الاجتماعية.. وفي المقابل عقد وزير المالية صفقة في مجلس الشعب لتمرير هذا القانون الظالم وإلغاء قانون التأمين الشامل باستحداث نص بزيادة المعاشات الأساسية التي تقررت بواقع 12 جنيها عام 1981 لتصبح حوالي 300 جنيه شهريا تتحمل الخزانة العامة معظم أعبائها.. ولم يعترض علي ذلك.. فقد ضحي بالحماية الاجتماعية للغلابة من أجل تمرير قانون لا يحقق أي عدالة إجتماعية.. وتم إيقاف العمل بهذا القانون سييء السمعة عام 2013 وعاد سريان قانون حماية الغلابة رقم 112 لسنة 1980.. ويؤكد الدكتور سامي نجيب علي أن تحقيق التنمية المستدامة التي تتلازم فيها التنمية الاقتصادية والتنمية الاجتماعية يستلزم إستعادة الدور الاجتماعي للتأمينات الاجتماعية.. من خلال رؤية إستراتيجية لوزارة التأمينات تتحقق من خلالها العدالة التأمينية والعدالة التمويلية.. وتتوازن فيها المزايا والموارد.. والتي يتعين معها عند استهداف توحيد نظم التأمينات من حيث الحدود الدنيا، تحقيق التجانس والعدالة وإزالة التشوهات المالية والتأمينية التي أدي إليها تطوير المزايا تحت ضغوط واعتبارات سياسية دون رؤية إستراتيجية ودون الاعتماد علي مصادر مستدامة للتمويل تؤكد استمرارية المعاشات.. وإلي هنا ينتهي حديثي مع الأستاذ الدكتور سامي نجيب، اللهم بلغت.. اللهم فاشهد.. وللحديث بقية، والله المستعان..