زميلي الإعلامي اللي علي راسه بطحة : تحية طيبة وبعد أفيد حضرتك علماً بأننا خلاص والله، عرفنا أن الإخوان إرهابيون، وأن قطر ضد مصر، وأن أردوغان مثل (القوطة) عندنا، وأننا نحارب الإرهاب، وأننا يجب أن نصبر علي التحديات. كما أفيد سيادتك أننا متأكدين أن الوزراء موجودين من السابعة صباحاً في مكاتبهم، وأن رئيس الوزراء ينزل جولات ميدانية أكثر من نزوله لدورة المياه، وأن مصر أم الدنيا، رغم أن بعض الشكوك تساورنا حول كونها ستصبح قد الدنيا، علي الأقل خلال الفترة التي تسبق انتخابات مجلس النواب، فربما بعدها ستصبح كذلك. عرفنا يا فندم أن حضرتك نافذ، لك علاقات بجهات مهمة تهديك تسريبات أحياناً، وفيديوهات حصرية من داخل السجون، أو المطارات، وتعتبر أن المنتقدين خلايا نائمة، وأن نقدهم يكون بناءً حين يرضيك ولا يدوس عليك أو علي أصدقائك أو علي مصالحك، لكنه يكون هداماً مارقاً فاحشاً حين يتجاهل تصنيفاتك لغيرك. عرفنا أنك تستطيع أن (تملأ) الهواء بمزيد من الرغي، أو الخناق، أو القضايا التافهة، أو الإثارة الشديدة، أو نظريات المؤامرة، أو محاولات ادعاء الحكمة، أو ادعاءات القرب من الرئيس والجيش والأجهزة الأمنية، وأنك شجيع السيما الذي يستطيع أن ينقد أتخنها شنب في مصر، وأن يقول ما يشاء لرئيس الجمهورية ورئيس الوزراء، والأجهزة السيادية، وأن فيديوهاتك تنال أكبر قدر من الشير والريتويت. عرفنا أنك تستطيع نصح غيرك من الإعلاميين، لكنك لا تستطيع تطبيق هذا النصح في جريدتك أو برنامجك أو موقعك، وأنك تكتب في الغالب لقارئ واحد انتظاراً لتليفون يستحسن، أو ابتسامة في مناسبة، أو إشارة للقاء، أو حضور لفعالية، أو صحبة في جولة، ولو جئت للحق، صرنا نعرف مسبقاً ماذا ستقول في برنامجك، وماذا ستكتب في مقالك، وماذا ستنشر في موقعك، عقب كل قضية تطرح أو تثار، وما يدهشنا، أننا لم نعد نندهش لوجودك واستمرارك. يا عزيزي الإعلامي المحترم، هذا البلد فيه ناس كثيرة، تنتظر أملاً، حلاً، جبراً بخاطرها، حياة كريمة، تنتظر منك أن تكون المتحدث الرسمي باسمها عند صاحب القرار الذي يتحدث ويعد لكنه مكبل إما بإمكانات ضعيفة، أو بمسئولين يشلوه عن العمل، أو بفساد سنوات لن ننتظر أن ينتهي حتي نبدأ في البناء، لأنه لن ينتهي أبداً.. يا عزيزي الإعلامي المحترم، أين أنت من مهنتك، من خلط الخبر بالرأي، وتضليل الرأي العام، أين الحريات التي تتشدق بها، والحقوق التي تبحث عنها، والمظلومون الذين تجعلهم قضيتك، والبسطاء الذين يجب أن تكون لسانهم، وشجاعتك التي لا تظهر سوي في المعارك التافهة وبحسابات لا تتعارض مع المصلحة الشخصية ؟؟ أين أنت من الموهوبين الذين تقدمهم، والخبراء الذين تبصر البلد بأهميتهم، والرؤي والحلول التي يجب أن تطرحها، والأولويات التي يجب أن ترتبها للرأي العام، والحقيقة التي يجب أن تدفع لإظهارها، والحق الذي يجب أن تنصره ولو علي رقبتك، والشهداء الذين يجب أن تراعي الله فيهم، والنماذج التي يجب أن تعرضها، وميزان الذهب الذي يجب أن تزن به كلماتك لأن إحداها قد تهوي بك إلي النار في الدنيا والآخرة، والمسئولية التي يجب أن تتحملها، والمهنة التي فقدت ذاكرتها يا عزيزي الإعلامي المحترم، هناك قطاع صحي مهترئ، وتعليم متأخر، وكهرباء ستصرخ وتولول عليها بعد شهر من الآن، وهناك فقراء تسمع عنهم ولا تعرفهم، يعيشون تحت خط الفقر، غير عابئين بكلامك المنمق، ولا ينتظرون سوي من يمد لهم يد العون من مسئولين أو إعلام، لا من يقدم لهم الشذوذ أو يشخط فيهم أو يوهمهم ان (كله تمام) وأننا أحسن بلد في الدنيا. يا عزيزي الإعلامي هناك من يحفر في القناة ولا تعرف عنه شيئاً أو تسلط عليه الضوء، وهناك علماء حقيقيون، وعمل علي أرض الواقع من مخلصين لا يجدون من يقول لهم شكراً ولا يريدونها لا لشئ إلا لأنهم يفعلون ذلك لوجه الله والوطن، وبدلاً من أن تبحث عنهم تبحث عن الراقصات وأخبارهن، أو ترتدي ثوب الناصح الأمين ابحث عن مهنتك يا عزيزي الذي يعرف نفسه، وابحث عن رضا الله أكثر من رضا الناس لعلك تفلح، أو اتغطي ونام قبل أن تنقرض أخيراً : عزيزي الإعلامي المحترم المهني الشريف.. إنت فين ؟؟ وحشتني والله