ترك كل مايتعلق بشخصه ودوره، ليقوم بدور الاعلام الداخلي، والاعلام الخارجي مُستثمراً احتشاد كل وسائل الاعلام الارضية والفضائية، المحلية والدولية لتغطية الاحتفالات



للإنسان أكثر من وجه خاصة لو كان يشغلُ موقعاً هاماً أو يقوم بأنشطة متعددة، وهذا- طبعا- ما ينطبق علي الرجل الذي نعرف يقينا وجهه العسكري منذ طالعتنا ملامحه مع ثورة ٢٥ يناير، ثم برزت بوضوح في ٣٠ يونيه، ودخلت قلوبنا وعقولنا من أوسع الأبواب في ٣ و٢٦ يوليه، وهكذا استقبلنا ملامحه العسكرية بالحب والإعزاز والتقدير، واخترناه بما يشبه الإجماع رئيسا مدنيا، وقبل هو طوعا ورضوخاً لإرادتنا «الملامح المدنية» واجتذبتنا ابتسامته الطيبة الودود، ونظراته الحانية، تماما مثلما اجتذبتنا صرامته الحادة القاطعة عندما ارتكب التكفيريون جريمتهم الشنعاء ضد اخوتنا المصريين المسيحيين في ليبيا، وكان قراره السريع الحاسم برد الصاع صاعين للإرهابيين الذين اصابهم الرعب والموت وتلقوا درسا قاسيا لاينسي!!
وحينما انطلقت جولاته الخارجية وفي المقدمة منها جلسات الأمم المتحدة في نيويورك اكتشفنا «الوجه الآخر» للرئيس عبدالفتاح السيسي، وهو «الوجه الإعلامي» فقد أدرك نواحي القصور في اعلامنا الخارجي الذي تراجع أمام اعلام «التنظيم الدولي للجماعة إياها» ومن ثم رأي ان يقوم هو شخصيا بدور «الرئيس الاعلامي»، وظهر ذلك جليا في استثماره لكل جولة وزيارة خارجية يقوم بها وسط مشاغله واعبائه ليعبر بطريقته الخاصة عن هموم وطموحات شعبنا لاسيما في القضايا التي تشغل العالم مثل قضايا الارهاب، والتنظيمات التكفيرية التي خرجت عن النص المكتوب لها في الولايات المتحدة وحلفائها فلم تحصر تلك التنظيمات أعمالها الإرهابية داخل الدول العربية والاسلامية، وانما امتدت جرائمها الي امريكا ودول أوروبية! وهكذا تجلّي الوجه الإعلامي للرئيس السيسي في تقديم رسائل اعلامية بالغة القوة والوضوح من خلال كلمته في جلسة الأمم المتحدة ثم في لقاءاته ومؤتمراته الصحفية اثناء وعقب زياراته لدول أوروبية وافريقية وعربية وآسيوية، ثم تألّق الوجه الاعلامي للرئيس في حفل افتتاح قناة السويس الجديدة، فرأيناه لايتحدث إطلاقا عن دوره الشخصي المتمثل في قراره الحاسم بأن يتم شق القناة في عام واحد بدلا من ثلاثة أعوام، ولم يتحدث عن زياراته المفاجئة وغير المفاجئة لمواقع العمل، ولم يتحدث عن اتصالاته التليفونية مع «الفريق مميش» و «اللواء كامل الوزير» حتي في ساعات الفجر الأولي ليسأل ويستفسر ويطمئن ويستنفر!! ترك كل مايتعلق بشخصه ودوره، ليقوم بدور الاعلام الداخلي، والاعلام الخارجي مُستثمراً احتشاد كل وسائل الاعلام الارضية والفضائية، المحلية والدولية لتغطية الاحتفالات التاريخية التي حضرها أكثر من سبعين رئيسا وملكا وأميرا ووزيرا ومسئولا كبيرا، وهكذا أطلق رسائله الاعلامية من خلال كلمته المكتوبة، وكلمته الارتجالية وبدأ بالجبهة الداخلية، فأكد ان مصر التي استعادت ارادتها مع «ثورتي ٢٥ يناير و٣٠ يونيه» قد اختارت سبيلها، وانه لايستطيع أي مخلوق أن ينال منها طالما ان المصريين يد واحدة، ثم خاطب الشعب مُنبهاً إلي ألا نكتفي بالانجاز التاريخي العظيم ونعتبر أن ماحققناه بقناة السويس الجديدة هو غاية المني، ذلك لانها مجرد خطوة.. تتلوها ألف خطوة، وكل خطوة جديدة تحتاج للعمل بنفس القوة والحماس والتفاني التي يتميز ويتفرد بها الإنسان المصري وكما ظهر في قناة السويس الجديدة.
ثم كان دوره الإعلامي «الخارجي» حيث اتجه بحديثه الي العالم الذي كان يُصيخ السمع اليه في المناسبة التاريخية، فأوضح حجم ومخاطر الارهاب، وكيف تصدت وتتصدي مصر لتنظيماته وافكاره الارهابية التكفيرية التي يمكن ان تحرق العالم كله، كما اشار الي الجهود المكثفة التي تبذلها مصر لقطع الطريق علي الارهاب ومصادره الدينية والمالية؟ ثم وجه «الرئيس الاعلامي» رسالة أخري للعالم حيث قال إن مصر وعدت العالم بأن تقدم له القناة الجديدة «هدية» خالصة، ثم أوفت بالوعد الذي قطعته علي نفسها، وأهدت للعالم في زمن قياسي شريانا إضافيا للرخاء وقناة تواصل حضاري بين الشعوب وممراً آمناً واسعا لتنمية حركة الملاحة الدولية.
هذا وسوف نري المزيد من الوجه الاعلامي للرئيس السيسي اثناء زياراته المقبلة لروسيا والصين وسنغافورة حيث لن تفوته الفرصة ليبرز معني وقيمة التوازن في علاقات مصر الخارجية، والحرص علي تحقيق أكبر قدر من المصالح المتبادلة لمصر وللدول التي تقدر وتعتز بثورتي يناير ويونيه، والتلاحم الرائع بين الشعب والجيش والشرطة.