كان هذا هو المفترض.. وبين النظرية والتطبيق تعالوا معي في محاولة لقراءة عدد من المشاهد الراهنة في واقعنا الأليم: ظهر مصطلح الدولة العميقة مع فترة ولاية محمد مرسي، وكلنا نتذكر طوابير البنزين التي لم تحدث من قبل ولا من بعد حتي خرجت الملايين في ٣٠ يونيو تسترد ما سلب منها خلال عام كامل حكم فيه الإخوان.. اذن الاصطلاح يعني ارتباط مصالح البعض بضرورة تغيير النظام حفاظا علي مكاسبه التي جناها خلال فترة النظام السابق علي ما يريد تغييره وليعود إلي النظام القديم ليكسب اكثر مما كسبه أو علي الاقل يحافظ عليه. ولاشك أن الدولة العميقة هنا لا ترتبط فقط بأصحاب المصلحة والنفوذ الذين يقاومون أي تغييرمن اجل المكاسب الشخصية، ولكن من المؤكد أن داخل هذه الدولة من كان يفكر في مصالحها العليا والتقت أهدافه السامية مع أهداف اصحاب المصالح ولكن لأجل الورد يسقي العليق كما يقول المثل. أما الطابور الخامس فقد ظهر كمصطلح ابتكرته النازية الالمانية التي كونت أربعة جيوش من اصحاب الدم الأزرق أماالجيش الخامس فهم العملاء في كل دولة توجه اليها الغزاة الألمان، كان هدفهم المال.. والمال فقط لبث الشائعات وتضخيم الرايخ الالماني وبث الرعب في نفوس المواطنين في المدن التي ينتوي الالمان احتلالها تمهيدا لوأد المقاومة في مهدها وتقديم بلادهم علي طبق من فضة مقابل النقود. اذا قارنا بين المصطلحين الألماني والمصري سنجد الفارق بينهما كالفارق بين السماء والأرض.. الدولة العميقة اعضاؤها قديكونون ذوي توجهات وطنية تغلب مصلحة الوطن علي المصلحة الشخصية والانانية المفرطة، كما يوجد بينهم من غلبته انانيته وما اغترفه من نفوذ وأموال فصار يبذل كل ما في وسعه من وسائل شريفة وغيرشريفة ليصل إلي غايته التي نعتبرها شريفة عند البعض ونعتبرها عكس ذلك عند الاخرين الذين يمثلون الجناح الثاني للدولة العميقة. من المفترض بعد أن تحققت للدولة العميقة أهدافها التي ساندها فيها الشعب وخروجه بالملايين في ٣٠ يونيو في مشهد هو الاول من نوعه في العالم.. من المفترض ان تتفكك اوصال الدولة العميقة وأن يتوحد الجميع تحت راية واحدة خاصة أن من يحمل هذه الراية حصل علي اكثر من ٩٧ بالمائة من اصوات الناخبين ولبوا نداءه فجمعوا له ٦٨ مليار جنيه في ايام معدودة عندما شعروا بالصدق في كلامه ونبراته التي اكتسبت ثقتهم. كان هذا هو المفترض.. وبين النظرية والتطبيق تعالوا معي في محاولة لقراءة عدد من المشاهد الراهنة في واقعنا الأليم: > ما معني صدور قرار بالافراج عن جمال وعلاء مبارك قبل احتفالات ذكري ثورة ٢٥ يناير بيومين او ثلاثة، ولماذا نعطي الفرصة للبعض ليرفع شعار شباب الثورة في السجن ومبارك وابناؤه ورموزه خارجه؟ > ما الهدف من تأخرتنفيذ قرار الرئيس بالافراج عن مائة شاب من المحبوسين في اعمال عنف او بسبب مشاركتهم في المظاهرات وحتي كتابة هذه السطور؟ > مقتل شيماء الصباغ في مظاهرة لم يتجاوز عدد افرادها عشرات الأشخاص كانوا يحملون الورود في طريقهم للنصب التذكاري لشهداء الثورة في التحرير. غابت الفطنة عن منظمي هذه المظاهرة الذين خرجوا في توقيت البلد فيه حُبلي بالمتفجرات في كل أرجائها واللي اتلسع من الشوربة ينفخ في الزبادي كما يقولون، وإذا كانت الشرطة هي من قتلها فإنها مصيبة واذاكان الطرف الثالث فالمصيبة أعظم.. > جميل جدا عودة الاحتفال بعيد الشرطة وأن يجمع الرئيس ابناء الشهداء حوله اثناءخطابه في الاحتفال وأن يقبل رأس أم شهيد من ابنائنا الضباط.. هذا المشهد تمنته اسر شهداء ثورة يناير بدلا من الكلمة المسجلة للرئيس. هؤلاء مصريون دفعوا الثمن غاليا حفاظاعلي كل المصريين وايضا الاخرون دفعوا الثمن غاليا من اجل حرية وكرامة وعدالة اجتماعية. والسؤال إلي متي. ستظل مصرتحت رحمة الدولة العميقة والطابور الخامس والي اين نحن سائرون وكنانة الله في أرضه يتربص بها اصحاب الهيمنة وأصحاب الضلالة والبدع؟ في كل هذه المشاهد يبقي أن نفتش عن الدولة العميقة والتي قد يكون اعضاؤها صنفا آخرمن الناس تبادلوا الادوار علي عكس الدولة العميقة السابقة.. وايضا نفتش عن الطابور الخامس الذي يبيع بلده من اجل المال أو ترك دماغه لعملية غسيل مخ يدفع ثمنها الابرياء من ابناء هذا الوطن.