شهد هذا الأسبوع العديد من الأحداث التي تستحق التعليق. ويبدو أننا علي موعد مع أحداث جديدة الأسبوع المقبل قد تقلب المائدة علي من أعدها أو من شمر عن ساعديه ليبتلع ما فيها. حديث الرئيس عبد الفتاح السيسي احتل الاهتمام الأكبر.. أهم ما فيه هو أنه كان حديثا من رئيس إلي شعبه مباشرة دون وسطاء أو معابر.. حديث مباشر من القلب لم يكتب له أحد المقدمة أو العناوين.. فقط كان هناك مخرج للحديث نال وحده السهام كلها. الحديث كما قلنا جديد من نوعه.. الجو والديكور والجلسة وأسلوب المخاطبة.. كل هذا أشعرنا بالدفء والقرب من الرئيس.. أما عن المضمون فكان فيه الكثير من المصارحة والمكاشفة وهما ما يحتاجه الشعب المصري حاليا. ركز الرئيس علي العديد من القضايا من بينها أنه حريص علي تحقيق العدالة والقصاص لكل أبناء الوطن سواء من ذبحوا ذبحا في مشهد مأساوي بشع في ليبيا أو من قتلوا غدرا مثل شيماء الصباغ أو من راحوا ظلما مثل ضحايا ستاد الدفاع الجوي.. وإنه لن يفلت أحد من العقاب. ثم حديثه عن حروب الجيل الرابع التي تعتمد علي التكنولوجيا ووسائل الاتصال في الوقيعة بين الشعوب والزعماء في إشارة إلي الأحاديث المزورة المنسوبة إليه والمسماة بالتسريبات.. وهذا يؤكد أننا أمام إرهاب منظم قوي مخطط له جيدا وممول بسخاء وتقدم له المعلومات بحرفية. وبعيدا عن مضمون الحوار.. فان ما أثير عن تصويره وإخراجه بعيدا عن التليفزيون الرسمي بما يملكه من كوادر فنية متميزة خلق بالطبع حالة من الغضب في ماسبيرو.. وأحس العاملون فيه أن البساط الذي انسحب من تحتهم جر معه الغطاء من فوقهم. بالطبع لهم كل الحق في هذا لأن أحاديث رئيس الجمهورية يجب أن تخرج من التليفزيون الرسمي وإذا قصر فهذا شيء آخر يحاسب عليه. أما انتقاد الحوار باعتباره عملا فنيا فكان مبالغا فيه لأنني رأيت الجانب الفني في الحوار جيدا ومحققا للهدف هو أن يكون الحوار من قلب الرئيس إلي قلوب المواطنين.. بل وأزيد بأنني أتمني أن يكون الحوار المقبل في الشهر المقبل خارج المكتب. حتي لو كان في موقع حدث مهم علي الجبهة الشرقية أو الغربية أو علي ضفاف القناة الجديدة.. قناة السيسي الموازية لقناة السويس. الحدث المهم الثاني هو الانتخابات البرلمانية المقبلة لاختيار مجلس نواب الشعب.. الله أعلم بما سيخرج من المحكمة الدستورية بعد ساعات حول قانوني تنظيم الانتخابات وتقسيم الدوائر لمرشحي المقاعد الفردية.. ولكن أيا كان الحكم الذي يميل إلي رفض القانونين والمطالبة بتعديلهما مما يستلزم تأجيل الانتخابات فان الناس كلها اختزلت هذه الانتخابات في شخصين هما الطبال الذي أصبح بقدرة قادر واحدا من أهم رجال الأعمال في مصر.. والراقصة التي أصبحت مالكة لقناة تليفزيونية ويعف لساني عن الحديث عنها.. أما الأول فهو فقاعة هواء ونبتة شيطانية زرعها الفساد ليصبح أهم رجل في مصر. كون وحده برلمان 2010 الشهير الذي كان سببا في ثورة الشعب.. وكان مهندسا للتوريث الذي كان هو الآخر سببا في ثورة الشعب. تصور أن براءته من قضية جنائية أو مالية دون محاكمته علي تهم الإفساد السياسي تمنحه الحق في العودة للمشهد مرة أخري. إزاحته من المشهد الانتخابي بقرار اللجنة العليا أراح الكل حتي الذين تعاطفوا مع مبارك شخصيا.. فهو نقطة سوداء كبيرة في نظام أسقطه الشعب.. وهو يحاول اليوم أن يظهر بثوب الملائكة.. ومخطيء من يتصور أن من أسقط نظام التوريث في يناير ونظام الإرهاب في يونيو يريد العودة إلي أيهما.. مع ألف سلامة يا عز.. أخرج من المشهد. الحديث الأخير ستشم رائحته بنفسك.. هو عن السجائر.. وأنا لست من مدخنيها.. ولكنني انزعجت من قرار رفع أسعارها.. ليس بسبب أن الزيادة تمثل عبئا علي شعب لا يجد متعته إلا في سيجارة وكوب شاي.. ولكن لأن القرار خرج في صورة تؤكد بوضوح التخبط الشديد في الحكومة.. وأن هناك من هو غير جدير بالبقاء فيها. القرار خرج بأسوأ صورة.. القرار المبهم لم يفهمه أحد.. فسره البعض علي أن الزيادة هي 50% من السعر النهائي واستغل التجار الأزمة وباعوها بضعف السعر.. ونشرت الصحف أن الزيادة تتراوح بين جنيهين وأربعة جنيهات.. والمسئولية هنا ليست علي الصحف التي أخطأت التفسير، بل علي الوزارة التي لم تحسن التوضيح مما اضطر الوزير للخروج بنفسه للتوضيح. من الطبيعي أن يكون المشهد مرتبكا.. وأن تكون الصورة مهزوزة أمام الجميع.. ولكن ليس إلي هذه الدرجة.