في رقي وسلاسة يسمو بهما قلمه عن استفزاز المشاعر يترك لعقلك فقط -كلماته التي تدخل قلبك أولا- أن تحكم علي ما يتناوله من نظرة موضوعية إلي ما حفلت به كتب التراث خاصة صحيح البخاري. يفند الكاتب عادل نعمان وبالمناسبة لا توجد أي صلة شخصية بيني وبينه وكل علاقتنا هي علاقة القاريء والكاتب. هو يكتب وأنا استمتع بما يكتبه سواء اتفقت معه أو اختلفت، لكنه يترك لك مساحة الاختيار بقبول آرائه أو تفنيدها والرد عليه.. هذا اذا كنت تملك من الأدوات ما يمتلكها وما يمكنك من أن تقف معه علي أرضية واحدة تستخلص في النهاية هدفا واحدا يمكن أن يجمعكما معا كمسلمين ديدنهما.. استفت قلبك ولو أفتوك. انتظر مقاله اسبوعيا في جريدة الوطن.. أشعر أنه يتحدث إلي أنا وحدي بأسلوب هو السهل الممتنع كما يقولون.. ويجد القاريء مع نهاية المقال أن حراكا بدأ يتلمس عقله بعد أن مر بقلبه ليبدأ في التفكير والتدبير والهرولة من جديد إلي صفحات التراث اذا كان له باع فيها، ليعيد القراءة علي المصابيح التي أضاءها عادل نعمان أخذا بيد قارئه إلي الدرب ليسير عليه متأملا متعمقا في الطريق محاولا الابتعاد عن وعورته متجنبا منزلقاته سائلا الله الهداية والتوفيق فيما يجب أن يستوعبه، عقله وفيما يجب أن يرفضه. ينتظر كثيرون كل أسبوع مقال عادل نعمان ويعدون أنفسهم لوجبة عقلانية سامية لا يسخر الرجل ممن لا يستطعيون الرد عليه بعد أن حفروا اسماءهم بحروف من نور في تراث أمهات كتب الفقه الإسلامي، ربما كانت هناك اسرائيليات ربما كان هناك ما نرفضه بمنطقنا وظروف عصرنا هذا وربما كان هناك ما كان يجب أن يرفضوه ولكنهم وضعوا منهجا وساروا عليه ومحل ما قادهم انتهوا حتي لو كان علي مضض مما يمكن أن تستوعبه العقول. لماذا يبدو إسلام بحيري مهاجما دائما والآ مات لها في النفوس مهابة وفي العقول مكانة، لماذا يبدو دائما متحفزا يملؤه الكبر والغرور وكأنه اتي بما لا يستطعه الأوائل. استاذ إسلام عليك بدراسة أسلوب أمثال عادل نعمان والدكتور ناجح إبراهيم وساعتها لن تنفعل قائلا: مستعد أناظر الأزهر وشيخه.. كمان.. وكفاية عليك كدة ملكش دعوة بالرجل الطيب فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب. عمر طاهر يقتفي أثر النبي اذا كانت »‬أثر النبي» منطقة تتبع مصر القديمة أو مصر عتيقة، كما كان يطلق عليها أجدادنا وسميت بهذا الاسم نظرا لحجر كبير قيل إن عليه اثر قدم الرسول صلي الله عليه وسلم ومازال هذا الأثر موجودا حتي الآن. هذا الاثر القديم أحياه من جديد الزميل الصحفي عمر طاهر في أحدث مؤلفاته الذي يحمل نفس الاسم.. أثر النبي.. للوهلة الأولي يخيل للقارئ أن عمر طاهر استخدم قلمه الجميل في التقصي بحثا عن هذا الاثر وتاريخه علي مر العصور وما آل اليه الأمر، ولكن سرعان ما تكتشف مع أول سطور الكتاب ان طاهر تتبع بعضا من عترة آل البيت وآخرين من اصحابه صلي الله عليه وسلم، وفي مؤلفه الجديد أعادنا بالذاكرة إلي عمالقة مثل عباس العقاد وخالد محمد خالد وعبدالرحمن الشرقاوي في تناولهم لسيرة آل البيت والصحابة رضوان الله عليهم. الفارق يبدو كبيرا بين الاسلوب الذي اتخذه عمر طاهر في تناول جوانب من حياة هؤلاء والتناول الذي أخذ به العمالقة المشار اليهم. مع عمر طاهر لا تملك الا أن تلتهم صفحاته كلها في جلسة واحدة ولا مناص من أن تدمع العين في مواقف يعيشها عمر طاهر بخياله وحسه المرهف ولا يمكن لك الا ان تتصورها كحقيقة كاملة وليست ارهاصات كاتب مفعم بالحب والوجد لآل البيت. أثر النبي الاسم الذي اختاره عمر طاهر كان اختيارا موفقا للغاية فهو يبحث بين بنات رسول الله صلي الله عليه وسلم واصحابه عن كل أثر زرعه فيهم الحبيب المصطفي. يتوقف الكاتب صاحب القلم الجميل عند محطة في حياة احداهن أو أحدهم من الصحابة وينتقل إلي محطة أخري يعود بعدها إلي المحطة السابقة في سياق لا تتوه معه انما تتيه به في القدرة علي التنقل بسهولة ويسر. كنت متابعا للكاتب عمر طاهر في مقالاته التي كان ينشرها في بعض الصحف وكنت أمني نفسي بلقائه والاقتراب منه اكثر وجاءت الفرصة عندما انضم إلي جريدة الـ٢٠٠ كاتب واصبحت له زاوية اسبوعية كل أحد في صفحة اليوميات التي كلفت بالاشراف عليها مع صفحات الرأي في الأخبار.. وهو ماكان سببا في بدء علاقتي به.