تناولت في مقال الأسبوع الماضي قضية شائكة تهم الملايين من أصحاب المعاشات، خاصة أنها تمس ظروفهم المعيشية والتي يجب أن ترقي إلي مستوي إنساني يحقق لهم حياة كريمة.. وقد كانت المفاجأة في العنوان الرئيسي لجريدة أخبار اليوم هذا الأسبوع أن مجلس الوزراء قرر منح العلاوة الاجتماعية بنسبة 10% وبصفة دورية، كما أعلن المجلس عن مناقشة قانون موحد للتأمينات الاجتماعية، أو إن صح التعبير تعديلات في قانون التأمينات الاجتماعية تتناول عددا من المواد التي أرجو أن تستهدف تحقيق مبدأ كفاية المعاشات لجميع المواطنين الذين يعانون الأمرين من شظف العيش بسبب ضعف قيمة المعاشات.. وعن العلاوة الاجتماعية للمعاشات أقول أنها مسئولية الدولة حيث أن صاحب المعاش كغيره من المواطنين يعاني من الارتفاع المستمر في نفقات المعيشة.. والذي يرجع أساسا إلي جشع التجار وعدم تنظيم تداول السلع والخدمات لخروج منظومة منافذ التوزيع الحكومية من السوق بدعوي تبني مباديء عدم تدخل الدولة في النشاط الاقتصادي.. وكانت النتيجة أن أصبح المواطن فريسة لجشع التجار.. وانتشار السلع رديئة الجودة.. فكان لابد من عودة الدولة لتسيطر علي السوق.. وهي في كل الأوقات مسئولة عن تعويض المواطنين عن الأضرار التي أصابتهم نتيجة التوجهات السياسية في الحكومات السابقة.. وكلما ارتفعت الأسعار زادت مسئولية الدولة عن السيطرة علي السوق وتنظيمه، وأيضا تعويض المواطن عن الارتفاع في الأسعار أو التضخم وذلك بزيادة الدخول والمعاشات بنسب تتمشي مع معدلات التضخم.. فهل تقررت العلاوة الاجتماعية بنسبة 10% بدون حد أقصي لكي يكون هناك تعويض مناسب يساعده علي مواجهة ارتفاع أسعار السلع الأساسية والضرورية والخدمات والأهم أسعار الدواء؟ وهل تقررت العلاوة علي المعاش الأساسي أم الشامل ؟.. كل هذه تساؤلات يطرحها الشارع المصري بعد قراءة الخبر في أخبار اليوم.. ومن ناحية أخري عند الكلام عن قانون موحد للتأمينات الاجتماعية.. فلاشك أن هناك العديد من التشوهات التي أصابت نظم التأمينات الاجتماعية التي تغطي جميع فئات القوي العاملة في مصر.. فهناك نوع من التمييز لبعض الفئات في حساب معاشاتها.. وهناك دخول ضعيفة تغطيها التأمينات باشتراكات هزيلة وينتج عنها معاشات ضعيفة رغم أن حقيقة هذه الدخول تساعد أصحابها علي العيش حياة كريمة.. وأسباب ذلك ترجع إلي انتشار التهرب من الاشتراك عن الأجور الحقيقية في منشآت القطاع الخاص.. وضعف العامل أمام قهر صاحب العمل له في ظل غياب الدولة عن السيطرة علي سوق العمل.. ووجود شرائح للدخول يختار من بينها أصحاب الأعمال ليشترك عليها غير موجودة علي أرض الواقع.. كأن يكون دخل صاحب العمل 100 جنيه شهريا.. ينتج عن ذلك معاشات ضعيفة.. وأيضا ذات الظاهرة في نظام التأمين علي العاملين بالخارج.. مع حرمان هذه الفئات من الاستفادة بخدمات التأمين الصحي.. كما أن هناك نوعا من الدخول لبعض الفئات يطلق عليها الأجور الحكمية تتحدد بقرارات وزارية.. دخول هزيلة جدا.. تخيل عزيزي القاريء علي سبيل المثال دخل سائق التاكسي أو سائق النقل الذي يحمل رخصة قيادة مهنية لا يتجاوز 120 جنيها شهريا وفقا للقرار الوزاري.. وعند تقاعده أو عجزه يرتفع صوته لحصوله علي معاش هزيل.. وأنه لا يستطيع العيش بهذا المعاش بعد أن كان دخله الذي يعيش به أضعاف أضعاف هذا المعاش.. وأعود لأكرر ندائي الذي نشرته علي هذه الصفحة مرات ومرات.. إن تشريع التأمينات يتطلب مراجعة من المتخصصين في التأمينات الاجتماعية، وبعد دراسات اقتصادية وتمويلية.. وليس اللجان من المستشارين القانونيين أو الموظفين التي تتشكل وتعمل من مكاتبهم وبعيدا عن أرض الواقع.. وضرورة عرض هذا القانون الموحد للحوار المجتمعي.. مع زيادة حملات نشر الوعي التأميني حتي يعرف المواطن كل في موقعه أهمية التأمينات الاجتماعية له ولأسرته من بعده.. اللهم بلغت.. اللهم فاشهد..  وللحديث بقية.