لو استطعنا استثمار مواردنا المتنوعة استثمارا جيدا، يتسم بالشفافية والنزاهة والاخلاص للقائمين عليه لأصبح حالنا مغايرا لما نحن عليه.. مصر تمتلك ثروات بلا حدود، ثروات زراعية وعقارية ومواد خام وشواطئ وجبالا حبلي بالخيرات، وثروات بشرية مبدعة.. المهم هنا الانسان المخلص الامين صاحب المبادرة المفكر الذي يقتنع ان المصلحة العامة أو العليا للبلد هي مصلحته.
نحن في امس الحاجة إلي تفكير جمعي ايجابي، بعيدا عن الانانية المفرطة التي قد تقذف بنا جميعا إلي الهاوية لا قدر الله، وحتي لا يكون كلامي مرسلا في الهواء، فإنني أسوق نماذج صارخة للاهمال واهدار المليارات في اثنتين من وزاراتنا.. وزارة الزراعة تمتلك ارضا في موقع هام وخطير بين شارعي الهرم والسادات ( ترسا) تقدر بنحو اربعمائة فدان معلق عليها (مركز البحوث الزراعية)، وهي للعيان ارض خربة وصوب مهملة بها العشرات من الموظفين يرتعون بين جنباتها من سنوات طويلة، فلماذا لاتستثمر هذه المساحات فيما يفيد وينتج؟ ولماذا لا يتم تغيير الغرض منها ونقله إلي الصحراء واستثمار قيمة الارض في بناء مجمع مدارس، خاصة ان المنطقة مكتظة بالسكان وتعاني من ندرة المدارس لنسهم في حل قضية التعليم المزمنة، ومن ينفي كلامي من مركز البحوث الزراعية يقدم لنا كشف حساب بما يقدمه المركز من انتاج وعائد سنوي.
نفس المركز يمتلك مساحات شاسعة بطريق القاهرة سيناء قبيل نفق الشهيد احمد حمدي مكتوب عليه مشتل السويس، ويبدو من اسمه ان هذه المساحة اختيرت لتغذية الاراضي الزراعية الجديدة الخاصة بالخريجين بمختلف الشتلات الزراعية، لكن الخريجين يشكون من اهمال كبير وندرة الشتلات وهي ارض فضاء لا يوجد بها احد ولا تستغل الاستغلال الامثل.
وأملاك الاوقاف المهدرة بالمليارات ايضا تعم انحاء مصر، وهنا أسوق منها نموذجين يستحقان ان يوليهما الوزير النشط د. مختار جمعة اهتمامه.. الاوقاف تمتلك مساحات شاسعة مهدرة ومهملة في شارع العروبة بالعمرانية محتلة من الباعة الجائلين، وقطعة اخري عدة افدنة بالقرب منها مهجورة وتستخدم جراجا للسيارات.. هل الاوقاف تؤجرها لأحد ؟ أم محتلة من قبل البلطجية؟ أم أن موظفي اوقاف الجيزة يغضون البصر عنها؟
النموذج الثاني لإهدار المال العام علي مدي قرنين من الزمان.. في ميدان باب الخلق بيت مهجور يطل علي الميدان مباشرة ومديرية الامن وقف قديم للاوقاف مساحته تتعدي الالف متر به محلات تجارية خارجية مؤجرة أي منهما باثنين او ثلاثة جنيهات شهريا من القرن الماضي، أما المساحات الداخلية فغالبيتها مهدمة وغرفها مردومة بالاتربة والباقي القليل بؤرة لضرب الابر.
هذه الارض تقدر مساحتها بالملايين، فإلي متي تترك هذه البؤرة؟ أليس من حل للاستفادة منها لتدر  المليارات علي الدولة؟ قد يقول احد ان عليها نزاعا قضائيا، ان كان الامر كذلك فتعطي خصوصية امام احدي الدوائر القضائية وتعكف علي اصدار حكم بشأنها لصالح أحد المتنازعين بدلا من بقاء الحال كما هو عليه قرنين من الزمان.