تلقيت رسالة من المواطن محمد عبدالهادي، شبين القناطر ـ محافظة القليوبية ـ تعقيبا علي ما نشرناه عن القانون الجريمة الخاص بنقابة الصحفيين، الذي اذل شيوخ ورواد المهنة، والذي اصدره الرئيس الاسبق جمال عبدالناصر في ١٧ سبتمبر ١٩٧٠ قبل وفاته بـ ١١ يوما، تحت شعار لا صوت يعلو علي صوت هزيمة ٥ يونيو ١٩٦٧، لتكميم الافواه.. يلفت نظرنا الي ان الجريمة ليست في القانون، ولا فيمن وضع القانون وينبغي ان نسمي الاشياء بمسمياتها دون مواربة او لف او دوران، العيب ليس في القانون ولا فيمن باركوا هذه الجريمة، ان الجريمة في صمت جموع الصحفيين اعضاء النقابة، وسكتوا عليها ٤٥ عاما  منذ صدوره وحتي الان ورضوا بطرد شيوخ ورواد المهنة من مؤسساتهم الصحفية عند بلوغهم سن الستين، مع ان الفكر والرأي لايحال الي المعاش.. الخ.. واشكر الاستاذ محمد عبدالهادي غيرته علي رصيد الذهب الفكري للامة المصرية، اكثر من غيرة الصحفيين انفسهم، وبكل تأكيد فهو محق في كل كلمة قالها.
ومن المؤسف ان مجالس ادارة النقابة والنقباء علي مدي عقود، لم يحركوا ساكنا ومن المبكيات ان نجد بين اعضاء النقابة من يبرر السكوت المخزي، بدعوي ان اي تغيير لبعض المواد قد يستغرق وقتا، كما يفتح ابواب الشر امام السلطة التشريعية والتنفيذية للتضييق علي الصحافة، وضربوا لنا مثلا بأن المحكمة الادارية العليا احالت المواد المطعون في دستوريتها الي المحكمة الدستورية العليا منذ ديسمبر الماضي، ولم تبد هيئة مفوضي المحكمة الرأي، وبالتالي لم تصدر الدستورية حكمها الذي تراه.. واقول للمرتعشين ان تغيير مادة او اكثر في اي قانون امر وارد، والامثلة كثيرة: ففي عام ١٩٩٤ اجتمع مجلس الشعب برئاسة د. احمد فتحي سرور وهو استاذ قانون وكان من قبل وزيرا للتربية والتعليم والتعليم العالي، وفي ٢٤ ساعة تم إلغاء نظام انتخاب عمداء الكليات بالجامعات المصرية، وبمقتضي هذا التعديل الذي تقدم به د. حسين كامل بهاء الدين وكان وزيرا للتربية والتعليم والتعليم العالي، عاد نظام التعيين لمن تري فيه انه يتفق مع اهواء الدولة، وكان لنا رأي قبل اقرار القانون او التعديل، ان يحرم الاساتذة من حق انتخاب من يمثلهم ويدير شئون الكلية في الوقت الذي يعطي فيه للطلاب حق انتخاب من يمثلونهم في الاتحادات الطلابية، تلك مصيبة!
وفي ٢٠ مايو ١٩٩٥، تلقي مجلس الشعب وكان رئيسه ايضا د. احمد فتحي سرور من الحكومة مشروع قانون سمي بالقانون ١٩٩٥، بهدف التضييق علي حرية الرأي وحبس الصحفيين مع تغليظ العقوبات المالية، وادخل المشروع افعالا غير مؤثمة الي دائرة التجريم والصاق التهم جزافا للصحفيين واصحاب الاراء الحرة، بانهم ينشرون الشائعات.. والحديث يطول حول هذا المشروع وكان للصحفيين موقف حاسم لرفضه.. وفي عام ٢٠٠٠ اجتمع مجلس الشعب وكان رئيسه ايضا د. احمد فتحي سرور وغير مادة واحدة من قانون الجامعات، وبناء علي رغبة د. مفيد شهاب وزير التعليم العالي تم طرد جميع الاساتذة من كلياتهم عند بلوغ سن الستين.. وكان القانون قبل هذا التعديل يعطي الاساتذة الحق في الاستمرار بالتدريس مدي الحياة.. وقد عدل عن هذا التعديل بحكم من الدستورية العليا.. وقد غلفت الحكومة طلبها بدعوي اتاحة الفرصة امام الاجيال الجديدة لتولي المناصب القيادية الجامعية، ورئاسة الاقسام العلمية مما اثار فتنة بين تواصل الاجيال.
اما الصحفيون والمفكرون فلم يدافع عنهم احد، وتركوا للعراء، والمذلة والمهانة، والحديث موصول....