لاشيء يثير الحنق ويبعدنا عن التعامل الناجع مع مشكلاتنا قدر تحليلات استراتيجيينا.. خذ مثلا تحليلاتهم عن »داعش»‬ والتأكيد علي أنها صناعة أمريكية لتمزيق الأمة العربية.. ثم يري آخرون أن بشار الأسد والمخابرات التركية وبعض مخابرات الدول الأوربية وراء داعش وتسليحها.. ولا يفتونا كيف تستقيم تلك التحليلات مع انتفاضة الرئيس الأمريكي أوباما بتوجيه ضربات عسكرية موجعة لداعش وتكوينه تحالفا مع دول أوربية تضم معها تركيا في محاولة للقضاء علي تنظيم داعش..في الوقت الذي لم تنتفض أي دولة عربية أو إسلامية لتكوين حلف لمواجهة الخطر الداعشي..!  أظن الابتعاد عن سماع تنظيرات استراتيجيينا المهلهلة واجب وطني.. ومواجهة مفاسدنا لا تعني إلقاء كل التهم علي أمريكا وأنها وراء كل التنظيمات الجهادية دون النظر لتراثنا البليد وما نلقنه لأبنائنا الصغار.. إذا لم نؤمن بأن داعش صناعة محلية خالصة نمت وترعرعت علي فكر ديني نبت في مراحل التدهور الفكري والانحطاط فلا صلاح ولا فلاح..! ياسادة اذا أردنا فعلا القضاء علي هذه التنظيمات وعلي داعش لابد من وضع أيدينا علي منبت الفكر الداعشي المتخفي في بطون تراثنا القديم وخزعبلاته.. وللأسف متخفي وراء أحزاب بعينها نعرفها جميعا ونتغافل عنها رغم أنها مخالفة لما جاء في الدستور من حظر إنشاء أحزاب علي مرجعية دينية. أليست حياتنا وما نواجهه من تنظيمات متسربلة بالدين تحمل نفس فكر داعش التكفيري تستبيح فيه تفجير المنشآت وانتهاك حرمة الوطن وحدوده.. ولم يتساءل منظرونا الاستراتيجيون من أين جاء الفكر الداعشي..؟ أليس الإرهاب الفكري منذ العصر العباسي الثاني كان أحد أسباب تدهور الحياة الفكرية للحضارة العربية، وقد بدأت تباشير هذا الإرهاب بالقضاء علي المعتزلة حاملي راية العقل.. وما تبقي لنا سوي الفكر المنحط ليفرخ داعشيين يهدمون كل ما هو حضاري. ياسادة داعش بضاعتنا ردت الينا.