عندما تلقيت دعوة من صديقتي شادية العبد للمشاركة في حملة للتبرع الدم ضمن مبادرة «يد واحدة من دم واحد» التي اعلنتها لجنة الاغاثة والطواريء بمنظمة الروتاري، ترددت كثيرا لانني اعتقدت ان الزمان والمكان قد يتعارضان مع نجاح المهمة الإنسانية، فقد اختارت صديقتي رئيسة نادي المنصورية اليوم الاخير من المبادرة والمكان نادي الجزيرة حيث تعسكر سيارة خدمات نقل الدم منذ اسبوع تقريبا وتوافد عليها المئات من المتبرعين والمتبرعات، قبلت دعوة المشاركة لأنني تذكرت المعاناة التي يتعرض لها المرضي وضحايا الحوادث الذين تتوقف حياتهم علي نقل كيس من الدم، كما تذكرت تجربة مريرة صادفتني منذ عشر سنوات عندما تعرض ابني لحالة نزيف حاد اثناء تواجدنا في الساحل الشمالي وعجزنا عن الحصول علي كيس دم في جميع المستشفيات المحيطة حتي وصلنا إلي مستشفي سموحة بالاسكندرية وانقذت العناية الإلهية حياة فلذة كبدي. وقفت مع الزميلتين شادية العبد ونادية سرحان امام سيارة الاسعاف بهدف تحفيز الشباب ومن هم في منتصف العمر من الاصحاء للتبرع بالدم وكانت المفاجأة العشرات يتوافدون عن طيب خاطر بدون تحفيز حتي الاطفال اعربوا عن رغبتهم في التبرع وكانت الطبيبة البشوشة د. رنا تقوم بعمل اختبار لكل متبرع للتعرف علي اللائق منهم بوخز اصبعه بأبرة وذلك بعد معرفة التاريخ الصحي للمتبرع.
واضافت لي معلومة ان المتبرع يجب ان يكون ما بين سن 17 و60 عاما وغالبا يكون الذكور أكثر من الاناث علي ألا يقل الوزن عن خمسين كيلو جراما ولا يزيد عدد التبرع بالدم سنويا عن ثلاث مرات أي بمعدل مرة واحدة كل اربعة اشهر وبالطبع يكون بصحة جيدة ولا يشكو من الأمراض.
لمست قصصا انسانية حركت مشاعري لشاب يصر علي التبرع بالدم رغبة في العطاء لانه تعرض لنزيف منذ فترة وانقذ الاطباء حياته، الطبيبة ترفض لان ضغطه منخفض فيسارع للمطعم ليتناول طعاما رش فوقه كمية كبيرة منالملح ويعاود التجربة وللمرة الثانية يقابل بالرفض وكاد ان يبكي حزنا لعجزه عن التبرع، ووقف مراهق يطلب التبرع ويرفض لصغر السن وامام اصراره قررت امه الانابة عنه بالتبرع بنفسها وهي تبتسم في حالة من الرضي .. حماس منقطع النظير ونظرات سعادة للمتبرع وحزن في عيون لم تمكنه ظروفه الصحية من التبرع.. ودارت حوارات مثيرة في حب مصر وتبادل المعلومات العامة عن نقل الدم.
علمت ان اول عملية نقل دم في التاريخ كانت يوم 15 يونيو سنة 1667 علي يد جان بايتس حيث قام باجراء عملية نقل دم من خروف إلي الانسان وانه رغم التقدم العلمي الهائل في جميع المجالات الطبية قد فشل العلم في صنع دم بديل عن دم الانسان وان هناك في مصر حوالي خمسة آلاف شخص يعاني من انيميا البحر المتوسط والتي تتطلب نقل دم هذا إلي جانب امراض اخري كثيرة.. رفعنا شعار تحيا مصر ولا للارهاب وتبادلنا التحية بقدوم عيد الفطر وكل سنة وأنتم طيبين.