يستطيع الشعب المصري أن يفتخر" احنا اللي كهربنا الكهربا" فلولا الإعلام الشريف النزيه الذي ينشغل فقط بهموم الناس، لظل تخفيف الأحمال مستمرا حتي الآن. فقد ظلت الصحف تضغط وتتحدث يوميا عن معاناة الناس وخراب بيوت بعض المنشآت التجارية كالمحلات وثلاجات التبريد الضخمة وكثير من المنشآت الصحية كالمستشفيات والمستوصفات، من تكرار انقطاع التيار وسياسة تخفيف الأحمال الممنهجة، حتي أمكن حل المشكلة تماما وأصبح انقطاع الكهرباء شيئا من الماضي، بل أكثر من ذلك أصبح عندنا فائض قدره 4000 ميجاواط. وهذا يعني أنه لو توافرت الإرادة وليس المال فقط، لأمكن حل معظم مشكلات مصر المزمنة كالإهمال وحتي المستعصية كالبطالة والفقر والمرض. نحتاج إلي سواعد مكهربة وعقول مكهربة، لا أسوار مكهربة وزنازين مكهربة. تعالوا نستدعي روح "الميجاواط" إلي جميع مجالات حياتنا، "لنكهرب" الكسالي والمستهترين والمهملين، مطلوب أن "نكهرب" الطبالين والزمارين الذين يظنون أن الطبل والزمر يغني عن الجد والاجتهاد ويجاريهم في ذلك رؤساؤهم الذين يكتفون بوصلات المديح، دون وصلات العمل. ومسح الجوخ دون تطهير النفوس. ولا أقصد بالطبع "كهربة" الناس بمعني تعذيبهم لاستنطاقهم باعترافات عن أعمال لم يرتكبوها، ولكن أقصد المعني الدارج "للكهربة" أي تحفيز الناس علي العمل بسرعة ودون تباطؤ، ولو فعلنا ذلك لن نحتاج أن نضيف إلي آذان الصلاة نداء " حي علي خير العمل" كما يفعل الشيعة، ففي دعوة الناس " حي علي الفلاح" كل المعاني الجميلة التي تدفع للكد والاجتهاد وعمارة الأرض ونبذ الدعة والتراخي. وربط كل ذلك بالصلاة يعني أن من يتخذون من الصلاة تكئة للتزويغ من العمل، كأنهم لم يصلوا، فهم لم يسعوا للفلاح الذي تدعو إليه الصلاة، كما أن " الصلاة تنهي عن الفحشاء والمنكر"، وتكدير الناس بتعطيل مصالحهم هو أعظم منكر.

ولأن الرجوع للحق فضيلة أعبر هنا عن تقديري للدكتور محمد شاكر وزير الكهرباء، فقد كتبت منذ عدة أشهر منتقدا إياه حين وعدنا قبل التعديل الوزاري في الشتاء الماضي بأنه لا انقطاع للتيار الكهربائي خلال الصيف، ثم عاد بعد أن استقر به المقام داخل الحكومة لينكث بوعده بأن الصيف قد يحمل عودة لتخفيف الأحمال، الآن بعد أن استقر التيار الكهربائي في مقامه، وليس الوزير فقط، يحق لنا أن نحييه علي جهده، فلله الحمد لم ينقطع التيار أبدا طوال شهر رمضان وخلال أيام العيد رغم ارتفاع درجات الحرارة واعتماد معظم المنازل والمصالح الحكومية والشركات والمؤسسات والهيئات علي أجهزة التكييف والثلاجات ومبردات المياه. فلولا" كهربة" الصحافة "للكهربا" لكنا اليوم نولول من انقطاع الكهرباء. اللهم أنر هذا البلد بنورك الذي لا يخبو، ولا تطفيء له شعلة أو تنكس له راية فوحدك القادر علي أن تخرج الناس من الظلمات إلي النور.