سيظل اسم احمد قدري من ابرز علماء الآثار المصريين ومن أنزه الذين تولوا مسئولية إدارة الآثار مثل الذين سبقوه والذين حاولوا من بعده صون ذاكرة مصر المادية والروحية وأخص منهم بالذكر الدكتور عبدالحليم نور الدين، والدكتور جاب الله رحمه الله. خرج الدكتور احمد قدري من صفوف الجيش المصري. كان محبا لتاريخ بلاده، خاصة تاريخ الجيش الذي يعد الأقدم علي الاطلاق في التاريخ الإنساني، أقدم علي دراسة فترة حساسة جداً. تلك التي تلت تحرير مصر من الهكسوس، وتم فيها استيعاب الدرس، إن الحفاظ علي الحدود والكيان، يقتضي بناء جيش قوي، وتأمين الحدود من خارج مصر، وهو نفس الدرس الذي عبر عنه القائد العسكري العظيم ابراهيم باشا عندما قال إن حدود مصر تبدأ من جبال طوروس - في تركيا حالياً - وبالفعل زحف بالجيش المصري الذي كان قوامه من الفلاحين وكاد يدخل استانبول لولا تحالف الدول الغربية كافة ضد الجيش المصري. يقول احمد قدري ان فكرة الاستخدام الاستراتيجي للجيش ظهرت لأول مرة في مصر، توسع المصريون في استخدام العجلات الحربية، وقسموا القوات إلي فرق وألوية تعمل بشكل مستقل في اطار خطة عامة تقودها قيادة واحدة. عبر تحتمس الثالث سيناء سبع عشرة مرة علي رأس جيش قوي لتأمين مصر، خاض معركة كبري في »مجدو»‬ درسها العالم الأمريكي جيمس برستد وحللها. وقال ان خطة المعركة ناجحة ودقيقة وليس لها سابقة في العالم القديم، تقول موسوعة كمبردج التاريخية ان المصريين أول من كونوا هيئة اركان حرب التي تعتبر العقل الإداري للجيش واستمر ذلك في جميع جيوش العالم حتي الآن، كان الملك قائداً أعلي، مقر قيادة الجيش في منف »‬تقع في الجيزة الآن». يتناول المؤلف بالبحث دور الجيش وتركيبه ومعاركه خلال فترة دقيقة جدا في التاريخ المصري، تكوين الامبراطورية، ثم ثورة اخناتون التي كانت مضادة للمضمون الروحي لمصر وماتزال  تثير الجدل، حتي صعود قائد عسكري الي السلطة - حورمحب - لإنقاذ الدولة، يتوقف بالتحليل عند معركتين عسكريتين، مجدو التي كان قائد الجيش فيها تحتمس الثالث، وقادش التي كان القائد فيها رمسيس الثاني. ويدرس التركيب الاجتماعي للجيش، وعلاقته الوثيقة بالدولة، أعد المؤلف هذه الدراسة لنيل درجة الدكتوراه بالانجليزية في جامعة بودابست، وترجمها إلي العربية مختار السويفي ومحمد العزب موسي وعالم المصريات جمال مختار الذي راجعها، وصدرت في طبعة محدودة عن المجلس الاعلي للآثار في سلسلة المائة كتاب، وأعيدت طباعتها وظهرت الاسبوع الماضي في سلسلة جديدة اقترحت إصدارها علي الدكتور جابر عصفور والدكتور أحمد مجاهد عن الهيئة العامة للكتاب، وتختص بالجيش، وتصدر بالتعاون مع الشئون المعنوية للقوات المسلحة.