انتشرت في الفترة الأخيرة عبارة التفكير خارج الصندوق ويقصد بها التفكير الجديد بعيدا عن القوالب الجامدة والحلول العقيمة. ورغم أنني لا أحب هذا التعبير إلاانني مضطر لاستخدامه وأنا أتناول بعض المشاكل العاجلة والملحة التي تعانيها بلادنا. دعونا نتفق منذ البداية علي ان ننحي جانبا فكرة عدم وجود التمويل اللازم أو نستغل العجز في الموازنة كلافتة نرفعها دائما عندما نفشل في مواجهة أي قصور!! دعونا نتفق علي ان سوء الخدمة الطبية في بلادنا قد وصل إلي حالة مزرية تصبح جولات رئيس الوزراء أو وزير الصحة عن المستشفيات مجرد ديكور »عشان الصورة تطلع حلوة»‬. دعونا نفكر باسلوب جديد يعتمد علي تعظيم الاستفادة بالموارد المتاحة وحسن استثمارها. لدينا بالفعل آلاف المستشفيات والمراكز الصحية ولدينا بالفعل مخازن لمعدات وآلات وأجهزة ربما لم تستخدم. لدينا عشرات الآلاف من الاطباء والممرضين والممرضات ولكن ينقص عدد كبير منا الضمير. ونظرا لضيق المساحة المخصصة لي دعوني اطرح مباشرة فكرة عدم الجمع بين عمل الاطباء في الحكومة وبين السماح لهم بافتتاح عيادات خاصة. دعونا نعترف ان هناك أعدادا ليست قليلة من الاطباء تستخدم المستشفيات التي تعمل بها كمحطة ترانزيت لاختطاف المرضي والاتفاق معهم علي إجراء العلاج او العمليات الجراحية خارج المستشفيات وداخل عياداتهم الخاصة. بل ان »‬البجاحة» وصلت بقلة من الاطباء »‬لأخذ المعلوم» من المرضي نتيجة اجراء العمليات الجراحية لهم داخل مستشفيات الحكومة وبالمال السايب الذي يستخدم بلا ضابط أو رابط. علينا ان نبدأ التجربة بالاختيار ومقابل ذلك يتم وضع زيادة مقننة في أجور الاطباء أصحاب الضمائر الذين سيقومون باغلاق عياداتهم او اخذ إجازات او الاستقالة من الحكومة. وبنفس المنطق ـ خارج الصندوق ـ نفعل ذلك مع المدرسين الذين يدمنون الدروس الخصوصية ويستحلون في نفس الوقت مرتباتهم التي تصرف لهم أول كل شهر وذلك مقابل لمجرد توقيعهم في ساعة الحضور صباحا ثم يختفون قبل جفاف مدادها في طريقهم للسنترات ومراكز الدروس!! الحلول خارج الصندوق لابد ان تبدأ بعيدا عن موازنة الدولة المثقلة!!