من المتوقع ان تبدأ الإجراءات الخاصة بالانتخابات البرلمانية قبل نهاية ديسمبر القادم، في إطار الالتزامات المقررة للوفاء بالاستحقاق الثالث والأخير في خارطة الطريق، التي عبرت عن إرادة الشعب وتوجه المسيرة الوطنية بعد ثورة الثلاثين من يونيو. هذا ما تقول به كل الشواهد، وتجمع عليه كل الآراء، وما تؤكده ظواهر الأحداث الطافية علي سطح الحياة السياسية الآن، وما تشير إليه أيضا المعاني الواضحة للتصريحات الصادرة عن كل المسئولين، ابتداء من رأس السلطة التنفيذية والسياسية -رئيس الجمهورية- وإنتهاء باللجنة العليا للانتخابات، مرورا علي رئيس الحكومة والوزراء المعنيين. ومن الواضح في هذا السياق، أن النداءات التي صدرت عن البعض خلال الأسابيع والشهور الماضية، تقترح أو تطالب بتأجيل الانتخابات البرلمانية لحين ميسرة للعام القادم، يمكن ان تمتد إلي ما يتلوه من أعوام، بحجة عدم جاهزية الأحزاب والقوي السياسية المؤيدة أو المحسوبة علي ثورة الثلاثين من يونيو، لم تجد آذنا صاغية من أحد، خاصة وانها تتعارض مع الالتزام المعلن بخارطة الطريق التي توافقت عليها جميع القوي والرموز السياسية والاجتماعية. وكان البعض قد حاول تسويق هذا الطرح من خلال التأكيد علي أهمية وضرورة تأجيل الانتخابات، حتي يتسني للرئيس الاستمرار في ممارسة مسئولية التشريع دون معوقات أو رقابة برلمانية معوقة، بحجة ان للبرلمان الجديد سلطة واسعة تحد من سلطة الرئيس،...، إلا أن ذلك الطرح لم يجد قبولا لدي الرئيس، الذي أصر علي الالتزام الكامل بما نصت عليه خارطة الطريق. ومع اقتراب الموعد المتوقع لبدء الإجراءات الانتخابية، والذي أصبح من الواضح انه لا يفصلنا عنه سوي عدة أسابيع فقط لا غير، يستوقفنا كما يستوقف كل المهتمين والمتابعين للشأن العام، وكل المدركين لأهمية البرلمان الجديد، ذلك الغياب الواضح للأحزاب والقوي والفاعليات السياسية عن الوجود المؤثر في الشارع وبين الجماهير، وذلك التلكؤ غير المبرر في التوافق علي قائمة وطنية موحدة تخوض علي أساسها الانتخابات،...، وهو ما لا يدعو للتفاؤل ولا يبشر بالخير.