التوجيه بعدم رفع الصوت في حضرة النبي ﷺ حيا وميتا من الاداب الضرورية اللازمة. ولكن حبايبنا البسطاء لم يجدوا من يعلمهم هذه الاصول

لم أصدق اذناي في الروضة الشريفة بالمسجد النبوي وأنا أسمع سلسلة من الزغاريد المدوية تلعلع في سكون الحرم تعبر عن بهجة وسعادة مجموعة من السيدات المصريات عندما فتحت لهن السلطات السعودية الباب لزيارة مقام الرسول الكريم صلي الله عليه وسلم. هن سيدات ريفيات بسيطات ربما ربطت احداهن الحزام علي بطنها طويلا حتي تدخر نفقة السفر لأداء العمرة لتحقق حلما باتت تنتظر تحقيقه بشوق وشغف لاعوام.. ولكن في خضم لهفة المشاعر لم تهتم بأن تعرف شيئا عن اداب الزيارة ووجوب الخشوع والتبتل والتأثر عند الوقوف أمام «شباك النبي» للسلام عليه. والمسألة ليست في هذه السيدة المحبة الولهة بحضرة النبي وآل بيته مثلها مثل كل المصريين ولكن في شركات السياحة التي لا هم لها إلا تحقيق الارباح دون النظر لتزويد الأفواج بمرشد أو دليل يعرفهن المناسك الصحيحة ويذاكرها معهن حتي لا يقع أحد في هذه الاخطاء المؤلمة وغيرها مما نراه ونشفق علي فاعله مرة لجهله ومرة لحبه وشغفه.. وكل من ذهب إلي المسجد الحرام رأي كيف تعامل شركات السياحة في دول آسيا رعاياها بتزويدهن بملابس وغطاء رأس وحقائب مميزة لدرجة انك تعرف جنسيتهن دون مشقة بينما نصف الموجودين بالحرم - دون مبالغة - تجدهم من المصريين ولكن دون تمييز و تنظيم وهذا الواجب يجب أن ترعاه وزارة السياحة فلا تأذن لشركة بأن تقوم بتسفير حجاج دون مراجعة للتأكد من التزامها بتعليم المعتمرين والحجاج اداب الزيارة وتخصص لكل فوج دليلا من أهل التقوي والورع يقوم برعاية المسافرين روحيا. ولا تحصل الشركة علي تصريح بتسفير أفواج إذا لم تلتزم أو كان همها الوحيد هو التربح من هؤلاء المحبين لبيت الله ومسجد رسوله.. وكلنا منهم.
حج.. بالنيابة
بصراحة الموضوع ثقيل علي النفس ويحتاج مجاهدة عالية.. نعم.. كنت أنادي بأن من اكرمه الله برحلة العمرة أو الحج مرة أو مرات ان يفسح من ماله الخاص الطريق لغيره من غير القادرين ليقوم بالرحلة علي حسابه بالكامل وبنفس المعايير التي كان سيتمتع هو بها.. وبهذا يكسب اجورا مضاعفة كثيرة.. ولكن عندما اقتربت شخصيا من هذا الحدث وجدت انه يحتاج لمجاهدة كبيرة وخروج من هوي النفس وحبها للسفر وبذل المشقة ورؤية الكعبة ومكابدة الزحام والجلوس في الروضة الشريفة والعودة بالهدايا الصغيرة.. كلها لذائذ تحبها النفس وتتوق إليها ويندر ان تجد من لديه الاستعداد للتخلي عنها لغيرة إلا أصحاب الهمم العالية.. المهم انني عاهدت نفسي أن أفعل ذلك المرة القادمة إن كان في العمر بقية. وسافرت.. وفي طريق العودة جلست في المطار إلي جوار ريفي عجوز ضرير ومعه زوجته تجلس علي الأرض عند قدميه بمحبة واخلاص ظاهر.. وتحببت إليه وتبادلت معه الحديث وإذا به يلهج بالدعاء لمن كان سببا في قيامه بهذه الزيارة.. نعم لقد سبقنا بها أحد الكرام بذل من نفسه وماله وسدد عن هذا الشيخ وزوجته نفقات عمرتهما تري كيف يكون جزاؤه وكيف ينظر الله لدعاء هذا الضرير وزوجته له؟! وخجلت من نفسي.. ربنا يسامحنا.