تعود بي الذكريات لسنوات طويلة مضت قاربت علي ٢٥ عاما.. عندما كنت أذهب إلي الأرض لفلاحتها وإدارة ماكينة الري الارتوازي لزراعتها وأشاهد بعيني تدفق واندفاع المياه الجوفية نحو قناة طينية تجاه الزراعات.. كان الأمر يتطلب أن تسير تلك المياه في قناة بسيطة تخترق زراعات الجيران والأقارب وعندما تصل المياه عند حدود أرضنا يتم عمل سد من الطين أمامها حتي يتم عمل فتحة لها نحو قناة طينية جديدة تقسم أرضنا إلي نصفين، وبسبب ارتفاع منسوب الأرض من أعلي إلي أسفل كان ينصح بأن تتم عملية ري الأرض من الأعلي إلي الأسفل.. لكن حدث شئ ما وهو قلة اندفاع المياه نحو الأرض.. تساءلت كثيرا عن الأسباب، وطلب مني شقيقي الأكبر البحث عن سبب ضعف تدفق المياه نحو الأرض!.. كانت المسافة بين أرضنا وماكينة الري الارتوازي بعيدة إلي حد ما تصل إلي ١ كيلو وكان يجب علي أن أقوم بعملية بحث مضن لجانبي القناة «الفحيرة« ليلا حتي اكشف عن وجود ثقوب أو فتحات اسفل المياه تصل علي التسريب وتكون سببا في ضعف تدفق المياه نحو الارض.. واكتشفت المفاجأة التي لم أكن اتوقعها.. وجود فتحات كثيرة في القناة كانت السبب في ضعف المياه وعدم قدرتها علي الاندفاع نحو الأرض.. حاولت جاهدا إصلاح الأعطال ومعالجة الثقوب والفتحات حتي انتهي بي المطاف للوصول إلي ماكنية الري ووجدت أمامها عمي الذي له باع طويل في الزراعة. بادرني علي الفور ماذا حدث؟!
رويت له الحكاية فقال لي..أمر طبيعي «أكيد متطلعش في العلالي ياعمر» والقصة بسيطة حد مش كويس عمل فتحات في القناة اسفل المياه وعلشان الدنيا ليل انت مش شايف المية رايحة فين.. لكن عليك التأكد أنه لايوجد فتحات أو سدود أو ما يعيق حركة المياه إلي أرضك واعتن جيدا بتنظيف القناة من الحشائش وازالة كل ما يعيقها أو يقلل من تدفق المياه بداخلها وتأكدمن السدود المقامة علي حدود الاراضي ربما كان بها تسريبا فهناك الكثير من اصحاب الضمائر الخربة يقومون بوضع ماسور اسفل السد لسرقة المياه.. هكذا الحال: «لدينا» سد النهضة الذي اقامته اثيوبيا سوف يمنع المياه من التدفق بقوة إلي دولة المصب بالاضافة إلي كمية المياه التي تصل الينا تتعرض في الطريق الممتد آلاف الكيلومترات للسرقة والنهب تارة وتبخرها بفعل حرارة الشمس تارة أخري وعدم تنظيف المجري المائي للنهر من جانب آخر.. وهو ما يؤدي بنا في النهاية ان تتسول قطرة مياه.. ياسادة هذا الامر يحتاج إلي حلول فورية وليست مسكنات وقتية فالقرار ليس بأيدكم فقط لكنه يتعلق بأرواح شعب وصل تعداده إلي ٩٠ مليون نسمة ومياه النهر تنتظرها أجيال قادمة، من وجهة نظري المفاوضات الجارية حاليا لاتغني ولاتسمن من جوع والأمر يتطلب قرارا عاجلا وحاسما في هذا الشأن!!