من الاحداث ذات الدلالة الهامة التقاء الرئيس بمجموعة من شباب العلماء، وتكريمه للحائزين علي جوائزالنيل والتقديرية في العلوم وهذا أحياء لتقليد كان قد أهمل طوال العقود الاربعة الاخيرة، الا أن ما توقفت عنده اعلان الرئيس عن انشاء مدرسة للمتفوقين في كل محافظة، وتلك خطوة هامة في مسار الاهتمام بالتعليم كمنطلق للنهضة الشاملة، عرفت مصر فكرة الاهتمام بالنوابغ ورعايتهم منذ تأسيس مصر الحديثة علي يدي محمد علي باشا، وفي العشرينات من القرن الماضي أقدم محمد محمود باشا علي انشاء مدرسة في ساحل سليم، وتلك قرية تقع شرق النيل في منطقة موحشة، معزولة، وكانت مسرحا لعصابات العنف في الصعيد المهمل، قامت الفكرة علي اختيار النابغين من اسيوط وسائر مديريات الصعيد وتوفير الرعاية بكل مستوياتها والتعليم الجيد لهم، هذه التجربة لم تدرس فيحدود ما أعلم، بعد ثورة يوليو خصص جمال عبدالناصر المدرسة للنبغاء من الدول العربية والاسلامية، حيث درس فيها ابناء زعماء لحركات مقاومة، ومن يمتون إلي أسر بارزة، وفي سلطنة عمان التقيت بوزيرين في الحكومة جاءا الي هذه المدرسة وتخرجا منهاالي الجامعة المصرية، أقام عبدالناصر في عين شمس التي كانت ضاحية نائية هادئة جميلة في الستينات، قامت الفكرة علي اساس اختيار الاوائل في الشهادة الاعدادية وتوفير إقامة كاملة مريحة، وفريق من المدرسين علي أعلي مستوي، وممن درسوا في هذه المدرسة الدكتور جلال السعيد محافظ القاهرة الحالي، والدكتور مجدي جمعة جراح القلب المعروف وشقيقي اسماعيل الذي تخرج في الكلية الفنية العسكرية وتقاعد برتبة لواء مهندس وهو الآن خبير اتصالات، كان النبوغ هو القاعدة الاساسية للاختيار، وقد حلت الدولة بذلك مكان الاثرياء القادرين في الماضي الذين كانوا يتولون رعاية المتفوقين كما فعل محمد محمود باشا، تحول منطق الاحسان الي برنامج ممنهج، ولكن لم تستمرالتجربة مع رحيل جمال عبدالناصر، المهم في لقاء الرئيس الآن بالمتفوقين هو بداية اهتمام شامل بالتعليم. والتوسع في البعثات العلمية الي الدول المتقدمة، خلال زياراتي للجامعات الامريكية لاحظت أن النسبة الغالبة من الدارسين الأجانب تجئ من الصين سواء في الكليات العملية التي تدرس علوم العصر أو العلوم الانسانية، الأهم هو الاعتماد علي نظام تعليم يشامل تعطي له الأولوية، ونظام متكامل للبحث العلمي نابع من الداخل وليس معتمدا علي القادمين من بعيد، يمكن اعتبار مستشارين ولكن تصورأن بعضهم سيقيم لنا نظاما للبحث العلمي أو التعليم فهذا وهم يجب أن ينتهي، التعليم منظومة متكاملة كذلك البحث العلمي يجب أن تنبع من الداخل بالكامل، بدون ذلك لن يكون تقدم أو نهضة.