خلال العام والنصف الأخير دخلت في حوارات نشرت بالصحف الأجنبية وحوارات لم تنشر ناقشت خلالها اصدقاء وأساتذة محترمين وآخرين أعرف ارتباطاتهم مسبقا وقناعاتهم، جري ذلك في باريس وشيكاجو ونيويورك وجنيف، وفي بعض الندوات تعرضت لمضايقات كادت تصل إلي حد الاعتداء علي شخصي خاصة في جنيف خلال معرض الكتاب عندما هاجمني بعض شباب من تونس جندهم عضو سابق في الكنيست، عربي ويعمل في خدمة النظام القطري، نشر ما حدث في وسائل الاعلام، واعتذر رئيس الجالية التونسية عما جري، لا يعنيني الغوغائية، ولكن يعنيني أصحاب الرأي والعلماء والمبدعين الذين يتأثرون بأفكار وطروحات سيئة التوجه والقصد، أو  بالسياسات العامة  التي تتخذ مواقف بالنسبة لما يجري  في بلادنا نتيجة توجهات عامة للانظمة السياسية الحاكمة، وكثير منها لا يفهم خصوصية البلاد العربية وبالتحديد مصر، إن  مراكز البحث والمؤسسات الأكاديمية في الغرب وبالاخص في الولايات المتحدة ليست بعيدة عن مراكز صنع القرار، ولكن يوجد علماء وباحثون وأساتذة اصحاب ضمائر ومواقفهم مختلفة وإلا ما كان يمكن ظهور أحد أهم المفكرين في القرن العشرين ادوارد سعيد، الموقف في مصر، خاصة ثورة يونيو احاطها قدر كبير من سوء الفهم، في حواراتي الطويلة مع الأطراف الأخري كان المحور ما جري في مصر،  يونيو هم يعتبرونها انقلابا، ولانني عشت الثورة والخروج الأسطوري للمصريين ولديّ رؤية متكاملة اساسها فهم الخصوصية المصرية كنت اشرح وجهة نظري وكانوا يصغون باحترام وربما أكون أقنعت، فالملاحظ أن من كانوا يرون في يونيو مجرد انقلاب  تراجعوا عن ذلك، المهم مناقشة الآراء المختلفة وإجراء  حوار واتاحة الفرصة لهم لرؤية الواقع، من هذا المنطلق قام مجلس الشئون الخارجية الذي يضم نخبة من الشخصيات الوطنية والاكاديمية بتوجيه دعوة إلي الباحثة الامريكية دان ميشيل بمركز كارنجي، موقفها معروف مسبقا، وهي لا تتفرد به فهناك كثيرون يتخذون نفس الموقف، لكن الدكتور السفير محمد شاكر رأي اتاحة الفرصة لها كي تري وتسمع واجراء  حوارات معها بهدف توضيح الموقف الذي يساء فهمه حتي الآن، لكم كنا في حاجة الي ذلك، تماما كما كانت الحاجة الي زيارة واحد من أكبر مثقفي العالم وأكثرهم تأثيرا جاك لانج رئيس معهد العالم العربي، وفي حدود ما أعلم فإن عددا من المثقفين المصريين يقومون الآن بترتيب دعوة خاصة لجاك لانج ليزور الاقصر والقاهرة في يناير المقبل، أما الباحثة الامريكية فأري ان الخسائر المعنوية الناتجة عن عدم السماح لها بالدخول أكثر بكثير مما لو كانت حضرت وتجولت وأصغت الي رؤي المصريين، لو أقتنعت فهذا إيجابي لنا، لو أصرت علي آرائها فلها الحرية ان تري ما تشاء ولكن سيسجل أنها لم تلق مضايقات ولم تمنع، في كلا الحالين كان الموقف سيكون ايجابيا، ان فكرة المنع أصبحت بالية في عالم صار متاحا فيه كل شيء، واذا كان بعض القادمين يضمرون الأذي فلدي مؤسسات الدولة الكفاءة والقدرة لدرء ذلك، أما ان يدعو أحد المجالس المحترمة باحثة لمناقشتها ثم تمنع من الدخول، فهذا يعني خللا في الاداء تترتب عليه اضرار لنا وأسبابها منا.