هناك ثلاثة انواع من الشباب في المجتمع المصري ، الاول هو من حصل علي تعليم متميز في جامعات خاصة والثاني هم الذين يتحصلون علي تعليمهم في الجامعات المصرية والثالث هم من لم يكملوا تعليمهم لأسباب كثيرة ، النماذج الثلاثة يمثلون الأغلبية في الشعب المصري ، والتفاوت الكبير بين النماذج الثلاثة سواء في التعليم او الدخل او الانخراط في سوق العمل كبير ، فالنموذج الاول شباب ولد في فمه معلقة ذهب ، يذهب لجامعته بسيارة خاصة ، يتلقي تعليما متميزا ، يعلم اذا ما بقي في مصر ان وظيفته في سوق العمل في انتظاره بمرتب مغر ، اما النموذج الثاني هو يسعي للشهادة وسط عدد كبير من الخرجين فرصتهم محدودة في سوق العمل ، مصاب باحباط واغلب خرجيه متعطل بعد التخرج باستثناء المتميز منهم او من طور من ادائه لينافس علي الوظيفة المستقبلية التي يتمناها ، اما النموذج الثالث فهو في عالم اخر غير عالمنا ، لم يستكمل تعليمه والكثير منهم انخرط في سوق العمل في وظائف هم غير سعداء بها ولكنهم يعملونها مضطرين ، والبعض منهم ينحرف عن المسار الحياتي القويم ، ونسبة اخري لا يجد اي فرصة عمل ويشكل حالة احباط وعدم انتماء للمجتمع الذي يعيش فيه .
وتمثل النماذج الثلاثة القوة الضاربة للمجتمع المصري في المستقبل ، وهناك فجوة كبيرة بين الجيل الكبير وهذا الجيل القادم ، تتمثل في التطور المذهل في التواصل الاجتماعي بين جيل الشباب ومفردات تعاملاتهم اليومية واذواقهم وتجارب حياتهم التي عاشوها علي مر السنوات الخمس الماضية ، والجيل الكبير يصر علي فرض وصايته علي الشباب تحت حجج مختلفة اغلبها لا تصلح للتعامل في ظل التطور التكنولوجي الرهيب الذي يحدث يوميا ولا يتواكب معه الجيل الكبير بينما يعيش بداخله الشباب وتصبح هذه التكنولوجيا عالمه وحياته وينفصل تدريجيا عن المجتمع الذي يعيش فيه ويعيش في عالم افتراضي يستمد منه عاداته وقيمه ومعلوماته بينما نحن معشر الجيل الكبير نمصمص الشفاة ونتحسر علي الماضي وننتقد الشباب ولا نفكر في التعايش معهم او الاستماع لهم او حتي الإيمان بهم بأنهم القادمون بعيد عن الشعارات بمعني الفعل وليس الكلام.
الشباب في مصر اغلبه في واد ونحن في واد اخر ، يعيشون بيننا باجسادهم وليس بأفكارهم لأننا نصادر الأفكار ونهمل فورتهم ولا نحل مشاكلهم بشكل جاد ، ليصبح الانتماء للوطن عملة نادرة بالنسبة لأغلب الشباب وهو مكمن الخطر الذي يهدد المستقبل.
يجب ان نسعي جميعا لتسليم الدولة للشباب وتسليم المستقبل لاصحاب المستقبل حتي لا يأتي المستقبل ولا نجد من يتسلمه او يعيش فيه ، لابد من ان يكون الشباب هو مشروعنا القومي ، نسمعهم ونستجيب لمطالبهم ، يخطئون فنصوب بحب الأخطاء، يندفعون فنحد من تهورهم بالعقل بعد ان شابت الرأس ، نعترف بتفوقهم حتي ولو كان علي حسابنا لانها سنة الحياة ، فالشباب قادمون ولن تبني مصر لا بسواعدهم