إذن لماذا أعاد بعض المواطنين المصريين ترديد مقولة «الداخلية بلطجية»؟.. ولماذا عادت تجاوزات بعض رجال الشرطة إلي ما قبل ثورة ٢٥ يناير؟.. ولماذا أصبح رجل الشرطة متهما دائما؟.. ولماذا أصبح المواطن المصري يشعر بأن الشرطة تتجاوز مصر بكل الأشكال؟.. ولماذا أصبح العداء بين الشرطة والمواطنين هو الأصل، وغير ذلك أي أن المعاملة الحسنة بينهما هي الاستثناء؟.
هي حقا مجموعة من الأسئلة التي يصعب حاليا الإجابة عنها، ذلك لأن ما يحدث من بعض رجال الشرطة هي تجاوزات فردية، وكلنا يعلم ذلك، وأن بعض المواطنين مستفزون بصفة دائمة لأي موقف يصدر من رجل شرطة، ومعظمنا يري ذلك.
وبصرف النظر عن أن تلك التجاوزات تطال أطباء أو فنانين أو مواطنين عاديين ـ سائقا مثلا ـ أو سياسيين، فإنه محسوب علي وزارة الداخلية، وبالرغم من أن الوزارة تقوم بمحاسبة رجالها تأديبيا، وتحيل أوراق أي واقعة إلي النيابة العامة، إلا أن المواطن المصري يظل مشحونا ضد سلطة رجال الشرطة التي تفرضها علي المواطنين، ومعظمنا نسمع ونري أخبارا وفيديوهات لتلك التجاوزات التي تغفل عنها الوزارة، لأن الأضواء الصحفية والإعلامية لم تسلط عليها.
ولأن مساحة الحرية التي منحها المصريون لأنفسهم بعد ثورة يناير سمحت لهم «وهذا حق» بانتقاد أداء بعض رجال الشرطة، أو أي مسئول، أصبحنا نشاهد السيجال بين المواطن المصري ورجل الشرطة علي مواقع التواصل الاجتماعي والفضائيات المصرية، وهو نوع راق من المناقشة الموضوعية حتي لو كان فيها بعض التجاوز غير المقبول.
أنا لا أري غضاضة في تلك المناقشات أو الخلافات في الرأي بين أي رجل يمثل سلطة في الدولة، وبين المواطنين المصريين، المهم أن يخرج كل منهم «السلطة، المواطنين» بمبادئ عامة وطرق جديدة للمعاملة القانوية التي توفر حقوقا للجميع وواجبات علي الجميع، فهما طرفا مقص مشدود كل منهما للآخر، بالرغم من أنهما يسيران في اتجاهين متعاكسين.
وأخيرا أري أن السلطة والمواطن المصري مازالا يحتاجان لوقت ـ كثر أو قل ـ ليعتادا علي احترام القانون وليؤكدا علي أن الحرية مسئولية، وليست فوضي ولا «قلة أدب».
وسيأتي الوقت الذي يري فيه المصريون العلاقة التي يسودها الاحترام الذي ينظمه القانون بين السلطة والشعب، في ظل قناعة بأننا جميعا نخدم الوطن.. «مصر».