ربما يسألني سائل: ماذا كنت تنتظر من وزير الثقافة أن يفعل صباح الثلاثاء الماضي بالتوازي مع الضربة القوية الناجحة التي وجهها نسور الجو إلي داعش الإرهابية؟ أقول إن ما كان يجب أن يفعله كثير ومؤثر لو أن لديه الرؤية العميقة في إطار الدولة المصرية.  أولا كنت أنتظر منه استنفار المثقفين المصريين لاعلان موقف موحد قوي ضد الإرهاب وذبح المصريين الأبرياء لمجرد أنهم مسيحيون. هذا الاستنفار كان أي مثقف مصري ينتظره، ولا يختلف عليه أحد، ولو أنه نسي قليلا خلافاته الصغيرة. وأنهماكه في العزل والولاية تجسيدا لممارسة سلطة ترضي الاحساس بالقوة وهو كاذب في جوهره، ولو أنه مد بصره إلي الوضع الثقافي في جملته ولم يقتصر علي الانشغال بجهاز الوزارة نفسه وتولية المقربين، وتحقيقه لبدعة الشباب بغض النظر عن الكفاءة، لو أدرك معني اللحظة الفارقة يوم الثلاثاء لرفع سماعة الهاتف، وهو من أمهر المستخدمين للهاتف في الموضوعات التي تهمه، وحصل علي التوقيع اللازم لبيان قوي يترجم إلي عدة لغات من مثقفين كبار مرموقين وبعضهم اسماؤهم معروفة في العالم، خاصة في الغرب، وبيان مثل هذا كان سيكون له صدي إعلامي واسع وتأثير، هؤلاء لا يختلف منهم أحد علي الموقف من الإرهاب وضد القمع الذي يمارس باسم الدين، وكان ممكنا أن يتم ذلك بالتعاون مع مؤسسات ثقافية أخري علي رأسها اتحاد الكتاب الذي يرأسه كاتب له علاقات دولية واسعة، ولكن يبدو أن الجسور مقطوعة بين الوزارة والمؤسسات الأخري فيما عدا بعض المنابر الأخري الإعلامية التي تنشر له أخبارا عن أنشطة تافهة مثل تفقد قصر عائشة فهمي في اليوم التالي بهدف إرسال رسائل عبر الخبر والصورة أنه شغال، لكن فلنتصور هذه الصورة لو كانت ملتقطة لمسيرة تنطلق من وزارة الثقافة يتقدمها هو للتنديد بذبح المصريين في ليبيا، أو لدعم الجيش الوطني، لكن لدي عصفور مشاكل لها أولوية معركة عزل سيد خطاب، أتصور أنه كان لابد أن يستنفر المجلس الأعلي للثقافة بكامل تكوين لجانه وأن يعقد مؤتمرا عاما ضد الإرهاب، لا يكون نشاطا إعلاميا فقط، إنما ينتخب لجنة للتحضير لمؤتمر علمي، يدعو إليه المتخصصين في التراث العربي، خاصة الفقه الإسلامي، لمراجعة الأصول التي يستند إليها الإرهابيون في الذبح والقتل، وأن يضم هذا المؤتمر كبار المتخصصين في العالم العربي، وفي الجامعات العلمية، وأن تتم دراسة جهود المراجعة بدءا من طه حسين وحتي نصر أبوزيد وإسلام بحيري الذي يقوم بجهد مؤسسة كاملة من خلال منبر إعلامي وإبراهيم عيسي وعادل نعمان، هذا جهد مطلوب علي المستوي الاستراتيجي لم نر منه شيئا. لهذا تفصيل.