ملاحظتان ليس بالإمكان تجاوزهما، ونحن نقرأ ما نشر حول مداخلة الدكتور جابر عصفور في الندوة التي أقامتها (دار الوثائق) الأسبوع الماضي، بمناسبة الذكري 32 لوفاة الشاعر أمل دنقل.. قدم د. جابر عصفور قراءة لقصيدة (الجنوبي) آخر ما كتب أمل دنقل (1982) والقصيدة تقسم إلي 5 مقاطع(صورة - وجه - وجه - وجه - مرآة) عناوين المقاطع في صورتها الأولي كانت بالأرقام، فاقترح د. جابر عصفور استبدال الأرقام بكلمات، واستجاب أمل دنقل.... توقف د. جابر عند الوجه الثاني في القصيدة (من أقاصي الصعيد أتي..عاملا للبناء.. كان يصعد »‬سقالة» ويغني لهذا الفضاء) توقف د. جابر عند موت عامل البناء، وتغطية جثته بالجرائد، وأشار إلي أن المقصود بهذا الوجه هو الأبنودي، الذي كان الخلاف بينه وبين أمل دنقل حول (العلاقة بالسلطة).. الاقتراب الشديد من الأبنودي، والابتعاد الشديد من أمل، وكان ذلك سببا في تحفظ أمل علي الأبنودي... ولا خلاف حول قراءة د.جابر لقصيدة (الجنوبي) وأظن أن الأبنودي نفسه هو صاحب قراءة الوجه الثاني بالقصيدة باعتباره وجهه (علي سبيل الانقضاض علي الفكرة بالسخرية والفكاهة) لكن أمل دنقل لم يعلق، لم ينف التفسير، ولم يؤكده أيضا (ولو شاء لصرح، إضافة إلي أن القصيدة لا تنطوي علي معانٍ سلبية). الملاحظتان والتي لا يمكن تجاوزهما، تخصان د. جابرعصفور نفسه، فعلي امتداد أكثر من 30 عاما، قدم د. جابر قراءات لكل قصائد أمل تقريبا، ولم يسبق له طوال كل هذه السنوات أن فسر قصيدة (الجنوبي) علي هذا النحو، فلماذا جاهر به بعد وفاة الأبنودي ؟! أوضح د. جابر عداء أمل للسلطة، وكيف كان ذلك محور الخلاف مع الأبنودي، وكيف كان ذلك أيضا أبرز ما يميز الشاعر أمل دنقل.. بينما جابر عصفور نفسه كان الأقرب إلي السلطة، أو كان هو نفسه السلطة، وتلك أيضا أبرز الخلافات معه.