جسدت استقالة الفريق أحمد شفيق رئيس الوزراء الأسبق من رئاسة حزب الحركة الوطنية حالة الحياة الحزبية في مصر وتصدعها وعدم قدرة قيادات الأحزاب علي ترميم بنيان هذه الأحزاب وبالتالي عجزها عن المساهمة في نمو الحياة السياسية وتوفير مناخ استقرار تحتاجه البلاد.
بعد 25 يناير 2011 خرج إلي الوجود حوالي مائة حزب تأسست برغبات من أشخاص رغبوا في شغل مكانة الزعيم وبالتالي جاءت الأحزاب الحالية دون رغبة شعبية أو إرادة جماهيرية ولم تعبر عن التوجهات الاجتماعية للمواطنين أو ترتبط بالصراع الطبقي والتعبير عن فئات أو طبقات معينة بشكل واضح. وفي الغالب ليس لعدد كبير من الأحزاب برامج واضحة أو فكر محدد يكون له برنامج لتحقيقه أو تنظيم لوضع هذا البرنامج موضع التنفيذ أو هيكل يحدد جماهير الحزب ويكون قادرا علي توجيه حركتها. وإشفاقا علي تلك الأحزاب لا أقول إنه يجب أن يكون للحزب نظرية وخط سياسي يحدد بدقة الهدف الاستراتيجي والأهداف المرحلية.
وجه شفيق استقالته إلي أعضاء الهيئة العليا للحزب ولم يوجهها لأعضاء المؤتمر العام وهم قاعدة الحزب القيادية في مختلف المحافظات وهو بالتالي يعترف بأنه يخاطب النخبة أو المجموعة صغيرة العدد التي تلتف حوله. وما لم يذكر - إن قيادات حزب - شفيق - فشلوا في تحقيق مكانة مناسبة للحزب تتناسب مع احتياجات الدولة في الوقت الحالي وتفرغوا للصراعات الداخلية وتفرغ أكبرهم في المناصب وليس في الخبرة السياسية للحديث في وسائل الإعلام حتي أسكرته نشوة الفضائيات وصوره المنشورة في الصحف فصدق أنه زعيم كبير بينما خبرته لا تتيح له حتي قيادة شياخة حزبية وتصارع مع الأمين العام فخرج الأخير والذي كان شريكه في كل شيء مهزوما هائما علي وجهه يبحث عن حزب جديد بعدما ساهم هو نفسه في تفريغ حزب شفيق من القيادات. ووصل الأمر إلي درجة أن أحد القيادات له علاقة قوية بنائب رئيس الحزب انشق وأسس حزبا جديدا كما خرج أحد القيادات الشابة المحترمة وكان متحدثا باسم الفريق مستاء من تصرفات قيادات الحزب بعدما لقن الاثنين الحلوين درسا في أدب الحوار والأساليب الصحيحة للعمل الحزبي. في الوقت الذي تفرغ فيه نائب رئيس الحزب إلي الإعلان كل أسبوع مرتين قبل الأكل وبعده عن عودة هراس قصدي شفيق وكل ما قاله كان كذبا لأن شفيق لم يعد حتي الآن فكيف لقيادة حزبية يفترض أنها تسعي لتولي الحكم تكذب علي الشعب كل أسبوع وتعلن عن عودة شفيق بينما تؤكد استقالة شفيق إنه لا يفكر حتي في العودة !!.
لقد شهدت الحياة الحزبية في الفترة الأخيرة العجب العجاب فظهر علي السطح زعيط ومعيط ونطاط الحيط وصاروا نجوما في الفضائيات الملعونة التي جرعت الشعب المصري الوهم وخلقت زعامات افتراضية لا وجود لها في الشارع. أحدهم كان نكرة وصار يرأس عددا من نواب رؤساء الوزراء السابقين في حزب فاشل تؤكد المؤشرات أنه يحترق من الداخل ومن الخارج. هذا النكرة تتهافت السفارات والدول الخليجية علي منحه كل الدعم. هناك آخران من قيادات حزب تدور حوله الأقاويل كانا يتنافسان علي سكرتيرة الحزب وهما في سن لا تسمح لهما حتي بالتنافس علي شرب المياه الساقعة !!.
إن الحياة الحزبية تتصدع بينما المفترض أن الأحزاب واحدة من الأدوات المهمة التي تمكن المواطنين من المشاركة السياسية والإسهام في إدارة البلاد لكن الأحزاب الحالية منفصلة عن الجماهير بتعاليها عليها وتفضل العمل المكتبي وتجمد الانتخابات داخلها حتي لا تضطر قياداتها إلي بذل الجهد والرجوع إلي قواعدها المفترضة طلبا للثقة وهي منغلقة فكريا تمارس عبادة النظريات ولا تزاوج بين النظرية والتطبيق كما أن العديد من هذه الأحزاب تسلل إلي مواقعه القيادية الانتهازيون وترتب علي ذلك اتباع الأساليب الغوغائية والديماجوجية. لو كانت هذه الأحزاب قوية لما تأجلت انتخابات مجلس الشعب كل هذا الوقت.