لم يعد مشهد الجثث والرؤوس المقطوعة رمزا للمنطقة العربية فحسب، مع تصاعد النشاط الإرهابي، كذلك لم يعد الأمر يقتصر علي مشهد السبايا في سوق العبيد في هذا الجزء من العالم، ولا يكفي أن تستمر محاولات الهجرة غير الشرعية بايقاع منتظم للهروب من جحيم المشرق والمغرب العربي لكي ندرك ان هذه المنطقة تتحول منذ فترة من الزمن إلي مركز طرد لسكانها، وانما تنشر مؤسسات دولية هذه الأيام أرقاما مخيفة حول عدد من تم تهجيرهم بالإكراه من بيوتهم وقراهم ومدنهم ليصبحوا متشردين يبحثون عن مأوي في أماكن أخري.. وهنا يجب أن نلفت نظر القاريء إلي أن الأرقام المتاحة تتعلق بالفترة حتي نهاية عام ٢٠١٤، مما يعني ان هذه الأرقام قد زادت زيادة كبيرة في عام ٢٠١٥.. الرقم الاجمالي لمن تم تهجيرهم حتي نهاية عام ٢٠١٤ صدر في الشهر الماضي من مركز »‬رصد التهجير المحلي»، وهو ٣٨ مليون انسان في ستين دولة في مقدمها دول عربية. وجاء في تقرير »‬رؤية للعالم سنة ٢٠١٥».. ان عدد الأشخاص الذين تم تهجيرهم قسرا يساوي عدد سكان مدن نيويورك ولندن وبكين مجتمعة.. والحديث هنا يدور حول من فرض عليهم مغادرة بيوتهم ليتحولوا إلي مشردين داخل بلادهم.. فإذا  أضفنا إلي هؤلاء.. أولئك الذين استطاعوا- بسبب توافر الامكانات لديهم- الهجرة إلي خارج بلادهم.. فإن الأرقام سوف تقفز قفزة كبري.. وكل التقارير  تكشف عن دور منظمات مثل »‬داعش» والقاعدة» في العراق وسوريا، و»‬الشباب»، في الصومال و»‬بوكو حرام» في نيجيريا، وتؤكد أن »‬مركز رصد التهجير». يسجل رقما قياسيا لعدد من جري تهجيرهم للعام الثالث علي التوالي.. وتوضح التقاريرأن ١١٩ مليون انسان تم تهجيرهم، حديثا، بسبب الأنشطة الإرهابية بمتوسط ٣٥ ألف شخص يضطرون إلي الفرار من بيوتهم كل يوم! وتصل نسبة هؤلاء المشردين الجدد في العراق وسوريا وجنوب السودان ونيجيريا والكونغو إلي ستين في المائة! وأكبر عدد من المطرودين من بيوتهم ينتمون إلي العراق، الذي بدأت مأساته مع الغزو الأمريكي، حيث هرب أكثر من ٣٫٢ مليون شخص من المناطق التي استولت عليها »‬داعش»، في مثل هذا الشهر من العام الماضي وقبل ان تستولي علي محافظة عراقية اخري هي »‬الأنبار»، وفي العام الماضي فقط، تم إرغام ١٫١ مليون شخص علي الاقل علي مغادرة بيوتهم في سوريا التي تشهد حربا ارهابية للعام الخامس علي التوالي، وهكذا اصبح ٣٥٪ من سكان سوريا- حوالي ٨ ملايين - مشردين، كما تم تدمير ٣٠٪ من المباني السكنية هناك مما يجعل احتمال العودة إلي بيوتهم أمرا مستحيلا، وفي جنوب السودان، اصبح عدد المشردين منذ نهاية ٢٠١٣ اكثر من ١٫٣ مليون أي ١١٪ من سكان البلاد. وفي ليبيا يوجد اكثر من نصف مليون مشرد. وبايجاز فإن الشرق الأوسط وشمال افريقيا يشكلان الآن حوالي ٣٥٪ من المشردين في العالم.. ومازالت الأرقام مرشحة للزيادة! كلمة السر: استئصال جذور الإرهاب