في الظاهر، هو ماراثون واحد، لكن الحقيقة أنه عدة ماراثونات، للأكل، للانحطاط الفني، للنفاق، لشراء الذمم، للطقوس،...،...
لم يعد رمضان موسما للعبادة، والعودة لله، وغسل النفس وحسابها، والخروج منه بغير ما دخلناه، فثمة اختلالات بلا حصر بين الإنسان وذاته، ومن يصله بهم صلة الدم، ناهيك عن حق الجار، أو الصهر، أو الزميل، أو حقوق الناس من حيث هم إخوة في الإنسانية، لم يعد رمضان مناسبة نغتنمها للمراجعة أو الكف عن المظالم، كيف وكل منا مهموم بماراثون لا علاقة له بجوهر رمضان والحكمة من فرض الصيام والقيام؟!
يلتقي آكل الحق بمن ظلم، فلا يسترضيه، ويصادف من خاصم خصمه، فلا يسعي لرد مظلمته، ويمضي هذا وذاك كل في الماراثون الذي اختار أن يكمله، ولا بأس أن يصلي التراويح، ويقرأ ربعا من القرآن، ثم ينتقل إلي «تراك» السقوط الدرامي فيتسمر أمام الشاشة حتي مطلع الفجر! وربما يلتقي في يوم آخر مع الاخوة لشراء الذمم من أجل الحزب، تمهيدا  لانتخابات مرتقبة!
هل يتصور من يجمع بين أكثر من ماراثون علي هذا النحو أنه بقادر علي خداع ربه؟!
زمان كان رمضان موسما لإقامة ماراثونات من أنواع أخري للعبادة الحقة، للتراحم، للتسامح، للتواد، لصلة الرحم، لاسترضاء المظلوم، في إطار من الروحانيات الصافية بعيدا عن الالتزام الشكلي الأجوف بالطقوس.
اختيارات معظمنا للماراثون الذي يروقه من شأنها أن تحولنا إلي عبء علي رمضان، ليكون شاهدا علينا لا لنا، ما دمنا لم نسع لماراثون نخرج منه أطهاراً من أجل بداية جديدة، وكل عام وأنتم بخير.