إعلان مدينة سكنية (كومباوند) يقوم علي فكرة أن عشرة الناس حاليا تحول الواحد إلي العملاق الغاضب الرجل الأخضر، وللنجاة من هذا المصير ينصح بالسكن بعيدا عن هذا النوع من الناس في المدينة الجديدة، هذا كلام مضلل، فالناس لم تتغير علي الإطلاق وما يهرب منه سيجده في المدينة الجديدة،أن تعد المشتري بحياة جديدة لأن هذه المدينة يقطنها بشر مالهمش مثال فهذا كلام يعاقب عليه قانون حماية المستهلك، هناك فجوة بين الخيال والواقع، الخيال هو تجربة أطول مائدة في الإسكندرية، والواقع هو ما قام به الناس علي هامش المائدة.
في المدن الجديدة ستجد كل ما تهرب منه، الإزعاج موجود لكن في صورة الكلاب التي لا تتوقف عن النباح طول اليوم ويدافع أصحابها عن حقها في النباح مقابل حقك في الشعور بالسلام، المقاهي التي تهرب منها أسفل منزلك ستجدها منصوبة علي الطريق إلي الكومباوند يقف عندها سائقو التريلات يجددون الإصطباحة، من كان يحجز مكانا لسيارته بجنزير يحجزه في الكومباوند بأن يصارحك بانه زرع هذه الشجرة ليصف تحتها سيارته بالتالي لا يحق لك أن تقف مكانه، المدن الجديدة تمتليء بمركبات البيتش باجي التي يمرح بها أبناء أصحاب الملايين طول اليوم دون ضابط أو رقابة ويا ويلك لو لفت نظر ولي أمر أحدهم للموضوع، العزلة بين الجيران تبدو أكبر في المدن الجديدة، وكل واحد يري أنه صاحب حق في تجاوز ما بملايينه التي دفعها، هناك قصة عن واحد قام بتربية أسد في حديقة منزله، الكلام عن( أنا حر) يبدو بلا كتالوج أو كبير يضبطه إلا فيما ندر، وكونك ستنتقل للعيش وسط أثرياء لا يعني انك ستعيش وسط أخلاق فاضلة (راجع أين استقرت الثروة في آخر 10 سنوات)، كل ما في الأمر أنه لا سنج ولا مطاوي عند الخلاف فقط عداوة مكتومة، الناس لم تتغير، وقلنا هذا الكلام ساعة الإعلان عن مشروع العاصمة الجديدة ابنوا الإنسان الجديد أولا، والنتيجة أن المشروع لم يكتمل لأن المسئول عنه الإنسان القديم.
الرجل الأخضر سيظهر في أي مكان لأن الناس هي هي لم يغيرها طريق المحور ولا الدائري، وهذه ليست دعوة للمقاطعة، لكن محاولة للسيطرة علي التوقعات المبالغ فيها لتفادي الإحباط، فالمدن الجديدة ليست مدنا فاضلة، حتي المطرب المحبوب الذي يعلن عن أحدها لن تجده هناك لأنه أصلا يعيش معظم الوقت خارج مصر