لا أعتقد أن هناك مبالغة في القول بأن الفهلوة، والإهمال، والتسيب، وعدم الانضباط، وغيبة الجدية، هي من أكثر البلايا أو الصفات والعوامل السلبية، التي ابتلينا بها وأصابتنا في السنوات الأخيرة، التي طالت متجاوزة نصف القرن من الزمان حتي الآن.
وليس من المبالغة أيضا التأكيد علي أن هذه الصفات بكل ما تحمله في طياتها من سوء، هي المسئولة مسئولية مباشرة عن القصور الذي أصابنا علي المستوي الاقتصادي خلال هذه السنوات، والذي استمر مرافقا وملازما لنا اليوم، نتيجة فشلنا في الخلاص من هذه السلبيات وتلك السوءات.
وفي اعتقادي كذلك أن ما أصاب المجتمع المصري من خلل واهتزاز في القيم الأخلاقية والإنسانية في الآونة الأخيرة، نتيجة انتشار واستشراء هذه الصفات السلبية، يتعدي ويزيد كثيرا عن الأضرار التي لحقت بالاقتصاد وأدت إلي تدهوره،...، وهو ما لا يجب السكوت عليه أو السماح باستمراره، إذا ما أردنا حقا وصدقا أن ننتقل بمصر إلي عالم الحداثة والتقدم والقوة الاقتصادية.
وفي تصوري، أن أخطر ما أصابنا خلال تلك السنوات، وما زالنا نعاني منه حتي الآن، هو أننا تخلينا عن الكثير من القيم والصفات الايجابية، التي كانت تميز الشخصية المصرية علي طول تاريخها، وعلي رأسها بالقطع حب العمل وتقديسه واعتباره نوعا من العبادة، ودليلا علي احترام المصري لذاته ورغبته الدائمة في التفوق وإثبات قدرته علي الإبداع والإجادة.
والمؤسف حقا أننا استبدلنا هذه القيمة الايجابية بأخري سلبية، وهي الكلام الكثير عن «الفهلوة» والقدرات الاستثنائية ولكن دون عمل أو فعل حقيقي علي أرض الواقع،..، هذا بالإضافة إلي ذيوع وانتشار مقولات هابطة مثل «علي قد فلوسهم» ،...، وهو ما أدي بنا إلي ما نحن فيه الآن من قلة في الإنتاج وتدهور اقتصادي واجتماعي أيضا.
وأحسب أن الوقت قد حان الآن كي نتخلص من كل هذه السلبيات وأن ننفض التراب عن جوهر وحقيقة المعدن المصري الأصيل، وأن نعود إلي ما كنا عليه من حب للعمل وإخلاص فيه ورغبة في الابداع والابتكار، حتي نستطيع الانطلاق بمصر إلي ما تستحقه وما يجب أن تكون عليه وسط هذا العالم الذي لا يعترف بالضعفاء أو الفقراء.