أبكتنا الفتاة الأيزيدية العراقية نادية مراد مرتين وهي تتحدث مع الإعلامي عمرو أديب في برنامجه التليفزيوني ليلة أول أمس.
أبكتنا مرة علي مأساتها ومأساة ألوف الأيزيديين وهم يتعرضون علي أيدي أحط البشر من الدواعش للقتل والاغتصاب وامتهان كل ما هو إنساني فيهم.
وأبكتنا مرة ثانية علي إسلامنا الحنيف، عندما يختطفه هؤلاء الأوباش ويرتكبون باسمه كل جرائمهم، ويعتبرون ما يفعلونه جهاداً في سبيل الله وانتصاراً لدينه الحق.!!
ولا شك أن الرئيس السيسي قد فعل خيراً بنا جميعاً وبالعرب والمسلمين، حين استقبل الفتاة الأيزيدية هدي بعد يومين فقط من طلبها مقابلته، ليقول لها ما نود جميعاً أن نقوله: ليس هذا هو الإسلام، وليست هذه الممارسات الآثمة من خلق المسلمين الذين يعرفون جيداً أن دينهم هو دين الرحمة والإخاء بين البشر.
ولعلها المصادفة هي التي جاءت بضحية أوباش الدواعش إلي مصر في هذه الأيام، لتري صورة من الإسلام الحقيقي في دولة يتعانق فيها الاحتفال بمولد سيد البشر، مع الاحتفال بمولد المسيح. ووسط شعب رفض أن يكون مصيره مثل شعوب أخري سقطت في جحيم الفوضي والدمار والحروب الأهلية والمذهبية، واستطاع بمعجزة حقيقية أن ينقذ مصر من حكم الفاشية الدينية، وأن يعيدها وطنا لكل أبنائه. وأن يرفض المهادنة مع الإرهاب بكل أشكاله، وبجميع اللافتات التي رفعها، وبرغم الضغوط الخارجية التي كان التآمر الخارجي والإقليمي يريد عن طريقها أن نترك مكانا بيننا لإرهاب لا دين له إلا العنف، ولا هدف له إلا الدمار، ولا نهاية له إلا تخريب دول وتشريد شعوب.!!
بالمصادفة أيضا سمعنا في نفس اليوم ما قيل إنه تسجيل صوتي للمهووس الداعشي أبو بكر البغدادي يردد فيه هلاوسه عن غزو العالم وإبادة الكفار، ويتذكر فيه إسرائيل فيتوعدها بأن تسمع قريباً دبيب المجاهدين.!! وهو الذي طمأن ـ منذ البداية ـ إسرائيل بأن هدفه هو الدول العربية والإسلامية، ولهذا لم نسمع عن إطلاق رصاصة واحدة انتقاماً لشهداء يسقطون كل يوم دفاعاً عن القدس الأسيرة، لأن الدواعش جميعاً مشغولون بسبي النساء وتدمير الأوطان، ولا بأس ـ بين الحين والآخر ـ من ترديد أنهم "علي القدس رايحين.. شهداء بالملايين".!!
أبكتنا الفتاة الأيزيدية وهي تروي مأساتها.. ومأساتنا.!! لكنها تذكرنا ـ مرة أخري بأن معركتنا ليست سهلة، وأن استئصال الإرهاب من جذوره هو قضية حياة لنا وللعرب والمسلمين والبشر جميعا. وأن أصعب ما في معركتنا هو أن نقضي علي هذه الأفكار المسمومة التي تتخذ من الإسلام ستاراً لإشاعة التطرف وزرع الفوضي وارتكاب كل الموبقات باسم الدين الحنيف.
إنها حربنا التي لا مجال فيها إلا لانتصار الإسلام الحقيقي بكل إنسانيته، ولإنقاذ العروبة من محنتها، وللحفاظ علي مصر عنواناً لصحيح الإسلام ولإنسانيته، وطن علم الدنيا معني التسامح والإخاء.