أرجو أن تكون السلاسل التجارية التي تتعامل في السلع المعيشية لغالبية المواطنين علي مستوي المسئولية في استجابتها للوعود التي قدمتها في لقاء الرئيس بالمسئولين عنها. ان هذه المبادرة من جانب الرئيس تأتي في إطار معايشته لنبض الشارع الذي يئن من المبالغة في ارتفاع الأسعار إلي درجة الاستغلال الفاضح. انه أراد بهذا الاجتماع ان يدفع هذه السلاسل التجارية إلي تبني مسار متواز في تخفيض الاسعار مع منافذ البيع التابعة لوزارة التموين والقوات المسلحة.
هذا التجاوب لا يمكن ان يتحقق إلا بالتخلي عن نزعة التجاوز في قيمة الأرباح التي تحصل عليها من وراء بيع السلع التي تقوم بعرضها.
الشيء المؤكد الذي يعرفه ويدركه كل الذين لهم علاقة بالتجارة الداخلية أن مكسب هذه المحلات التجارية لا يقل في معظم السلع المعروضة عن ٤٠٪. علي هذا الأساس فان إجراء تخفيض ما بين ١٥ و٢٠٪ لن يؤثر علي الارباح العامة التي سيتم تعويضها من خلال ارتفاع حجم القوة الشرائية.
ليس خافيا ان المنتج للسلعة ليس مسئولا بأي حال عن ارتفاع الاسعار المبالغ فيها التي تدعو إلي شكوي وصراخ المستهلكين خاصة محدودي الدخل. لقد ثبت يقينا ان هذا المنتج يبيع انتاجه بما يساوي ٣٠٪ أو ٤٠٪ من القيمة التي تجري مطالبة المستهلك بسدادها. هذا يعني ان الفرق في السعر الذي يتراوح بين ٧٠٪ و٦٠٪ يتم اقتسامه بين الوسطاء والسلاسل التجارية.
انطلاقا من هذه الحقيقة فان التخفيض الذي وعدت به هذه المحلات التجارية الرئيس باجرائه لن يؤثر بأي حال علي ايراداتها وأرباحها.
في هذا الشأن فإن العدالة تقتضي عدم اغفال دور هذه السلاسل التجارية في التصدي لمشكلة البطالة بما توفره من فرص عمل كبيرة للشباب. إنها في نفس الوقت تساهم في تشجيع المنتج المصري الذي تقوم بعرضه في منافذها وهو الأمر الذي ينعكس ايجابا لصالح الاهتمام بالتجديد حتي يلقي إقبالا من المستهلك.
من ناحية اخري فان جهود الدولة يجب ان تمتد ايضا لفئة المستوردين للاحتياجات المعيشية الرئيسية. انهم مطالبون بخفض نسب الربح التي يحصلون عليها وان يلتزموا بالامانة في قيمة الفواتير التي يتقدمون بها للجمارك مستهدفين مضاعفة أرباحهم علي حساب ما يجب ان تحصل عليه الدولة من رسوم. ليست الفواتير المضروبة فحسب هي وسيلة بعض هؤلاء المستوردين لممارسة الاستغلال من اجل مضاعفة أسعارهم وأرباحهم وإنما هم يعمدون ايضا لاستيراد السلع الرديئة التي يجب ان تخضع للرقابة والمحاسبة.
لا جدال ان حرص الرئيس علي الاجتماع بالقيادات المسئولة عن حركة التجارة الداخلية إنما يستهدف السعي لتنظيم هذا المسار لصالح المواطن. إن ما يقوم به هذا القطاع في الدول المتقدمة يتسم بالوعي القائم علي المسئولية الاجتماعية. إنه اساسا محكوم بالمنافسة الأخلاقية الشريفة من خلال تحديد الاسعار لصالح المستهلك