مع بدء أعمال مجلس النواب قد نكون أمام تعديل وزاري في حكومة المهندس شريف إسماعيل الذي يعمل بصمت، ولكن بكفاءة. والتعديل المطلوب لا يتصل بالأشخاص ـ حتي وإن تم استبعاد بعضهم ـ بقدر ما يتصل بشكل الحكومة الذي قد تفرض الظروف الجديدة أن يكون مختلفا بسبب عاملين أساسيين :
العامل الأول : هو ما يؤكده الواقع الحكومي الآن أو قبل ذلك ـ من صعوبة التنسيق المطلوب بين الوزارات المختلفة، وما رأيناه من قرارات متضاربة، ومن نزاع علي الاختصاصات، أو اختلاف في المواقف والأفكار.
والعامل الثاني : هو بدء عمل مجلس النواب باختصاصاته الواسعة، التي تستدعي تواجد الحكومة في البرلمان، ومتابعتها الدائمة لأعماله، وبناء الصلة بين الوزراء المختصين واللجان المختلفة، والرد علي أسئلة النواب، وتوضيح موقف الحكومة من كثير من القضايا.
ويزداد الأمر صعوبة، مع الحاجة لتمرير القوانين التي صدرت، وبحث القوانين المهمة المطلوبة، سواء لتنفيذ مواد الدستور، أو لإرساء قواعد النظام الجديد ومتطلباته الاقتصادية والسياسية والاجتماعية.
من هناك أعتقد أننا سنكون في حاجة لإعادة النظر في طريقة تشكيل الحكومة وعملها، بحيث يكون أمام رئيس الوزراء وأعضاء الحكومة الوقت والجهد الكافيين للمشاركة في رسم السياسات وتنفيذها، وبحيث تكون الحكومة حاضرة في المشهد البرلماني، وبحيث يكون التنسيق المطلوب بين الوزارات متحققا بصورة تكفل إنجاز المهام المطلوبة في أسرع وقت وبكل كفاءة.
وأظن أننا سنكون بحاجة إلي أن يكون لرئيس الوزراء عدد محدود من النواب، يرأس كل منهم قطاعا من القطاعات، ويحقق التكامل في الأداء بين وزراء هذه المجموعة.
وعلي سبيل المثال، فإن وجود نائب رئيس وزراء للشئون الاقتصادية، سوف يسهل الأمر كثيرا أمام المستثمرين، وسوف يمنع التضارب بين الوزارات في قضايا مهمة، وسوف يمكِّن الحكومة من أن يكون لها خريطة عمل واضحة تشمل الجوانب الخاصة بالسياسة المالية والاقتصادية، وما يتعلق بالاستثمار والصناعة والزراعة، حتي لا يتكرر ما عايشناه من فرض ضرائب وإلغائها، وإصدار قرارات ثم العودة عنها، كما حدث في ضرائب البورصة وغيرها.
كذلك فإن وجود نائب لرئيس الوزراء لشئون الخدمات والمحليات وآخر لشئون الثقافة والتعليم والشباب، سوف يضمن استغلال كل إمكانيات الدولة بأفضل طريقة لتحقيق الأهداف المطلوبة، سواء في توفير الخدمات، أو في إشاعة ثقافة التنوير ومقاومة التطرف والانحياز للعقل ولحرية التفكير.
وتبقي شئون الأمن القومي والسياسة الخارجية، والتنسيق بينها، يتم من خلال مجلس الأمن القومي الذي يرأسه رئيس الجمهورية. وأظن أن التنسيق بين أطرافه الأساسية في الفترة الماضية كان حاسما في الحرب ضد الإرهاب، وفي تجاوز المرحلة الصعبة في علاقاتنا الخارجية بعد ٣٠ يونيو.
أعتقد أن حكومة بهذا الشكل ستكون أقدر علي الإنجاز، والأمر مطروح للنقاش علي كل حال.