من السهل ان يتسرع البعض في القول بفشل الاجتماعات والمباحثات الأخيرة لسد النهضة الاثيوبي، التي اختتمت أعمالها في العاصمة السودانية الخرطوم أول أمس، بحضور اللجنة السداسية لوزراء الخارجية والري في مصر والسودان وأثيوبيا،...، ولكن ذلك ليس من الصواب في شيء، كما انه لا يعبر عن واقع الحال الذي جري هناك.
ومن المريح أن يبادر البعض للتأكيد علي نجاح الاجتماعات، ووصول الوزراء الستة إلي حلول جذرية وشاملة لكل المشاكل والقضايا التي كانت قائمة بين دولهم، وإزالة كل الشكوك التي كانت تغلف الأجواء بينهم، وتقف حجر عثرة أمام محاولات بناء الثقة بين الدول الثلاث يقوم علي رعاية وتحقيق واحترام المصالح المشتركة بينهم، وعدم الاضرار بمصالح أي طرف منهم نتيجة بناء هذا السد الأثيوبي.
ولكن ذلك سيكون مخالفا لمعطيات كثيرة علي الأرض، تؤكد في مضمونها عدم دقة هذه الرؤية، وتجاوزها لحقائق لا يجب اغفالها أو إهمالها أو القفز فوقها بأي حال من الأحوال.
وفي تصوري ان كلا الأمرين خطأ وكلتا الرؤيتين مخالفتان للحقيقة ولا تتفقان مع الواقع، وأن المطلوب والصحيح في هذه الحالة هو الالتزام بالموضوعية الكاملة والبعد عن الهوي والابتعاد الكامل عن الاغراق في التفاؤل أو السقوط في التشاؤم فذلك خطر يجب تجنبه في الحكم علي مثل هذه القضايا المهمة والمصيرية.
وفي هذا الإطار لابد ان ندرك بكل الوضوح ان الموضوعية تدفعنا للتأكيد علي نجاح الاجتماعات السداسية في تهدئة نيران الأزمة التي كانت مشتعلة بحدة بين مصر وأثيوبيا في ظل الخلافات القائمة حول السد، واستمرار التجاهل الاثيوبي للأخطار التي يمكن أن تتهدد مصر نتيجة عدم مراعاة وتفهم مطالبها المشروعة في ملء خزان السد وسنوات الملء والتأكد من حل جميع المسائل الفنية المختلف بشأنها، والتأكد أيضا من سلامة وصحة بناء وإنشاء السد ذاته.
ولكن تهدئة حدة الأزمة رغم كونها تحركا وانجازا ايجابيا، إلا انه ليس كل المطلوب،...، بل المطلوب هو إطفاء نيران الأزمة بالكامل، وإزالة الخطر تماما