وسط فيضان «الهرتلة» الذي نواجهه في كل المجالات.. لابد أن نجد مساحة للحديث الجاد عن قضايانا الحقيقية، بدلا من استنزاف الجهد في مسلسلات لم تعد تهم أحدا عن عودة الكابتن ميزو، أو الفتاوي المضروبة للبرهامي وإخوانه، أو الأحاديث عن العفاريت التي تحرق البيوت ونصائح مشايخ الأوقاف لمواجهتها، أو استمرار مأساة حبس البعض بتهمة.. التفكير، بينما أصحاب التكفير ما زالوا يحاولون العبث بمصير الوطن!!
وسط كل هذه الهرتلة.. أجد بعض الأمل في عودة الاهتمام الجاد بمصير بلدي يحاول السماسرة فيه أن يستغلوا انشغاله بالدفاع عن مصيره ضد عصابات الإرهاب، لكي يحكموا قبضتهم مرة أخري علي اقتصاده بالمال الفاسد، أو بالفساد المحتمي بالمال، والمستند لقوي لا تريد لهذا الوطن أن ينهض.
ألمح الآن بارقة أمل في ازدياد الإدراك بأنه لابديل أمامنا الا بدعم الصناعة المحلية قبل كل شيء.. ربما لم يتبلور ذلك حتي الآن في رؤية متكاملة ولكني أعتقد أن الظروف كلها تقود الي هذا الطريق.
يدرك الجميع الآن «أو هكذا نرجو» أنه لامجال للاستمرار في ظل هذا العجز الهائل في موازنة الدولة، وأن المساعدات التي قدمتها الدول العربية الشقيقة وفي مقدمتها الامارات والسعودية لن تستمر للأبد، وخاصة مع الظروف الجديدة وانخفاض أسعار البترول، والركود العالمي الذي يضرب التجارة العالمية كلها.
ويدرك الجميع الآن «أو هكذا نرجو» أن ما اتخذه البنك المركزي من اجراءات للحفاظ علي رصيد مصر من العملة الصعبة لن يكون اجراء مؤقتا، بل لابد من أن تتصرف كل الاطراف بمسئولية، وبفهم كامل بأن استنزاف رصيدنا من العملات الصعبة في استيراد الكماليات، أو في اغراق الاسواق بزبالة المنتجات الاجنبية الرخيصة، أو في ضرب الصناعة الوطنية باستيراد ما ينافسها منافسة غير مشروعة لانه مدعوم من الدول المصدرة أو بسبب تزويد الفواتير أو الغش والتهرب الضريبي.. كل ذلك سوف يكون استمراره جريمة في حق الوطن وسيحاسب كل من يساهم فيها.
في المقابل.. فإن دعم الصناعة الوطنية بكل السبل اصبح ضروريا.. وإعادة الحياة لصناعات توقفت أو كادت هو مهمة قومية.. وتقديم كل دعم ممكن للصناعات الوطنية هو ما تفعله الدولة الآن بكل اجهزتها وان كان المطلوب ايضا ان تصدر تشريعات حماية المستهلك ومنع الاحتكار، وأن يتحمل رجال الصناعة في القطاع الخاص مسئولياتهم ويردوا الجميل لهذا الوطن ولا يفعلوا مثل ما فعله البعض من ضرب الفساد عندما تقاسموا السلطة النفوذ مع الحزب الوطني قبل الثورة.. فتركوا الصناعة الي نهب أراضي الدولة والاستيلاء علي القطاع العام بتراب الفلوس.
المطلوب الآن رجال صناعة وطنيون يدركون أنهم في مهمة تحقق لهم المنفعة الشخصية، وتحقق للوطن التنمية المطلوبة، والمطلوب الآن وزارة للصناعة تملك كل الصلاحيات، ووزير مثل عزيز صدقي.. ورؤية تحول الاجراءات التي تتم لدعم الصناعة الي سياسة متكاملة تعيد الحياة لاعتزاز كل مواطن بكل ما «صنع في مصر».