عندما عبّر الحارس العملاق مانويل نوير قبل يوم من المباراة الأولى للمنتخب الألماني خلال نهائيات كأس العالم 2014 أمام صحفيين من جميع أنحاء العالم عن مدى إعجابه بهذه البطولة ولحظاتها الكبرى، كان من الممكن توقع ما سيقدمه بعد ذلك.   ولقد كان نوير قد تمكّن في الوقت المناسب من استعادة لياقته بعد إصابة تعرض لها على مستوى الكتف وكان على أتم الاستعداد للتنافس في أعظم البطولات في العالم ونجح في الأسابيع الأربعة التالية في تأكيد مؤهلاته الكبيرة وخطف الأضواء كما لم يفعل حارس مرمى من قبل. من المعروف أن ابن الثامنة والعشرين ساهم بقسط كبير في تتويج الألمان باللقب العالمي في البرازيل، كما يتفق العديد من الخبراء أن نوير ارتقى بحراسة المرمى العصرية إلى مستوى جديد نظرا لأدائه الرائع الذي يجمع بين ردود الفعل الممتازة ومؤهلات عظيمة في المواجهات الفردية إلى جانب براعته الكروية كمدافع إضافي على أرض الملعب وبالتالي، ليس صدفة أن يكون بطل العالم الآن من المرشحين الثلاثة للفوز بالكرة الذهبية 2014 إلى جانب المهاجمين العالميين ليونيل ميسي وكريستيانو رونالدو. وسلّط موقع الاتحاد الدولى لكرة القدم الضوء على 3 لحظات عظيمة وقع عليها هذا الحارس الأمين خلال هذا العام المنقضي حيث اختير للمرة الثانية أفضل لاعب في ألمانيا في السنة وتوج بقفاز#### adidas #### الذهبي في البرازيل. كانت الليلة الأولى هيرتا برلين – بايرن ميونيخ (25 مارس/آذار 2014) حيث كانت أمسية الثلاثاء تلك بالنسبة لنوير هادئة في العموم في ملعب برلين الأولمبي لكنها ومع ذلك شهدت لحظة تاريخية في مسيرته الكروية تمكن نادي بايرن ميونيخ من الفوز حينها بنتيجة 3-1 على أرض ممثل العاصمة الألمانية محتفلا بذلك في الجولة 27 بالتتويج بدرع البطولة الألمانية، ولم يسبق أن تمكن أي ناد من قبل من الفوز بلقب دوري البونسديلجا في هذا الوقت المبكر.  وبالنسبة لابن مدينة جيلزنكيرشن كان ذلك الحدث البارز الأول في موسم 2014/2013 رفقة فريق المدرب بيب جوارديولا علما أنه حافظ على رصيده خاليا من الهزيمة في 16 مباراة من أصل 28 مواجهة في الدوري الألماني الممتاز ولم تستقبل شباكه سوى 13 هدفا فقط. أما الحدث البارز الثاني فعاشه نوير في نفس المكان بعد شهرين تقريبا عندما قاد البافاريين بفضل صداته الرائعة والمثيرة للفوز بهدفين نظيفين، بعد اللجوء إلى الشوطين الإضافيين، في نهائي الكأس الألمانية أمام الغريم التقليدي بوروسيا دورتموند. ولقد كانت تلك مشاركته الرابعة على التوالي في هذه المنافسات (2011 مع شالكه وابتداء من عام 2012 مع بايرن ميونيخ) وهو إنجاز لم يسبق أن حققه أي لاعب من قبل. وكانت اللحطة الثانية فى مباراة المانيا – الجزائر: (30 يونيو/حزيران 2014) ولم يكن أحد يتوقع أن منتخب الجزائر سيشكل إلى جانب الأرجنتين المنافس في النهائي الكبير الحاجز الأصعب أمام ألمانيا في طريقها إلى التتويج بنجمتها الرابعة خلال نهائيات كأس العالم 2014 ، وبفضل عرض نوير الأسطوري خلال 120 دقيقة تمكنت كتيبة المدرب يواكيم لوف من تفادي نكبة الإقصاء. وكان الحارس الألماني قد أنقذ فريقه في العديد من المناسبات من خلال تدخلاته بالرأس والتزحلق من خارج منطقة الجزاء أمام المهاجمين السريعين للفريق الخصم، ليثبت بذلك أن الحارس يتعيّن عليه في الوقت الحالي أن يلعب أيضا دور المدافع المتأخر. وحسب مؤشر كوسترول فقد سجل، خلال مباراة دور ال16 المثيرة في بورتو أليجري والتي خسرها ممثل شمال أفريقيا في نهاية المطاف بنتيجة 2-1 بعد خوض الشوطين الإضافيين، مسافة جري بلغت 5517 مترا و42 تمريرة صحيحة. وأخيرا مثلت مباراة فرنسا – المانيا (4 يوليو/تموز 2014) قمة صمود نوير فى الانوقات الحرجة حيث إنها المرة الأولى التي يلعب فيها الفريق الألماني خلال نهائيات كأس العالم 2014 في ملعب ماراكانا بمدينة ريو دي جانيرو.  صحيح أن مواجهة دور الثمانية ضد الفرنسيين نجحت ألمانيا في التحكم فيها وحسمها بنتيجة 1-0 بفضل هدف سجله ماتس هاملز بضربة رأسية ولم تستقبل خلالها أي هدف، لكن الفضل في ذلك يعود بالأساس إلى مانويل نوير. فقد أكد الحارس الألماني القوي هذه المرة مستواه العالمي في ثلاث مناسبات من خلال تدخلاته على خط المرمى، ليزرع بذلك اليأس في نفوس نجوم المنتخب الفرنسي ويقنع بذلك الجميع بتنوع مهاراته وتعدد أسلحته. وتمكّن نوير في أول الأمر من صد كرة ماتيو فالبوينا بطريقة مثيرة قبل نهاية الشوط الأول ثم أبعد الكرة بردة فعل رائعة في بداية الشوط الثاني أمام بليز ماتويدي قبل أن ينجح، خلال الفترة الأخيرة من المباراة التي كانت صعبة للغاية على الألمان، بإبطال مفعول تسديدة قوية أطلقها كريمة بنزيمة من مسافة قريبة. شاهد العالم ثلاث لمحات عبقرية من نوير ساعدت في تتويج المنتخب الألماني في نفس الملعب بعد تسعة أيام بأغلى الألقاب في عالم كرة القدم عند الفوز على الأرجنتين بهدف دون رد بعد اللجوء إلى الشوطين الإضافيين. ونجح الفريق الألماني في تحقيق النصر لأنه لعب بشكل جماعي ومنظم واسترجع الكثير من الكرات وكان يستطيع رفع الإيقاع وقتما يشاء، لكن وعلى وجه الخصوص لأن حارس مرماه كان متأهبا على الدوام ومدافعا صلبا وبارعا.