النيازك هي كتل صخرية تسبح في الفضاء بين الكواكب في المجموعة الشمسية ويسقط البعض منها علي الأرض بمعدل حوالي 500 نيزك في السنة، وأعتقد بل أكاد أجزم أن المصريين القدماء هم أول من اكتشف النيازك وبالذات الحديدية منها وتعرفوا عليها وأعتقد أنهم رأوها بالفعل وهي تسقط من السماء، ولقد بنيت اعتقادي هذا علي ما يفهم من معني الاسم الذي أطلقوه عليها بالهيروغليفية وهو (بيا - ان - بت) ومعناها «معدن من السماء» 000 جمع المصريون القدماء هذه الأجسام الحديدية وشكلوها واتخذوا منها أحجية وقدسوها حيث وجد عدد منها في مقابرهم يرجع تاريخ بعضها إلي عصر ما قبل الأسر. ولقد ناقش العلماء احتمال كون هذه الأجسام الحديدية من صنع الإنسان وليست من أصل نيزكي وانقسموا إلي فريقين كل يؤيد ناحية ولكن إذا ما استعرضنا التاريخ نجد أن المصري القديم قام فعلاً باستخراج الحديد من خاماته الطبيعية ولكن عملية التعدين لم تتم إلا في حوالي 600 سنة قبل الميلاد كما يشهد علي ذلك أول مركز للتعدين والذي اكتشف في الشمال الغربي من الدلتا. وبعد استخراج المعدن وهذا هو المهم لم يسمح المصريون بوضع أي من الأجسام الحديدية المصنوعة بيد الإنسان في مقابر موتاهم ودفنها مع الجثة، ويعتقد المرحوم الدكتور زكي إسكندر كبير علماء المصريات ومدير المعامل الكيميائية في مصلحة الآثار في الستينات والسبعينات أن تصرفهم هذا ناتج عن بعض معتقداتهم الدينية أسوة بتصرفهم إزاء صوت الأغنام وغيره كما ذكر هيرودوت.
ولعل أقدم النيازك المعدنية المعروفة في العالم هو نيزك «الجرزة» الذي سقط في مصر ويتكون من مجموعتين الأولي منها عبارة عن سبع قطع علي شكل فصوص طولية والثانية من قطعتين وقد اكتشفها وينرايت في عام 1932 ضمن ما وجد في مقبرة يعود تاريخها إلي حوالي 3100 سنة قبل الميلاد في منطقة الجرزة قرب الفيوم. ولقد تأكد لوكاس في عام 1912 من أصلها النيزكي بعد تحليلها وتأكد من وجود عنصر النيكل بها بنسبة ٧٫٥% وهو صفة كيميائية من الصفات المعروفة للنيازك المعدنية وبنفس الاختبار تم التعرف علي بعض الأجسام المعدنية الأخري التي اكتشفت ضمن مخلفات الأسرة الرابعة فيما بين الفترة 2613 - 2494 قبل الميلاد في الجيزة جنوب غرب القاهرة وأطلق عليها نيزك الجيزة. ويعتقد لوكاس أن النصل المعدني الذي اكتشف في الدير البحري في طيبة ويرجع إلي الأسرة الحادية عشر فيما بين 2153 - 1971 ق.م. قُطع وصُقل من نيزك حديدي. وفي مقبرة توت عنخ آمون في أواخر عهد الأسرة الثامنة عشر (1567 - 1348 ق.م.) تم اكتشاف عدة أجسام معدنية منها خنجر حديدي وكذلك حامل لرأس المومياء. والعين الفرعونية المعروفة في سوار من الذهب و16 آلة صغيرة لها أياد كبيرة الحجم من الخشب ويعتقد وينرايت أن هذه الآلات المقدسة قد تكون استعملت في عملية مراسم دفن وفتح فم الفرعون الصغير عند مماته ولم يتمكن لوكاس من التأكيد من الأصل النيزكي في ذلك الوقت إلا أن المرحوم الدكتور / زكي إسكندر قد وجد النيكل في واحدة من هذه الآلات الصغيرة وفي حامل الرأس مما يشير إلي أصلها النيزكي وأطلق عليها نيزك توت عنخ آمون.
وفي ديسمبر عام 856 ميلادية شوهد نيزك باسم سويدا وهو يسقط. ويتكون النيزك من خمس قطع حجرية كما جاء في أبحاث دي ساس عام 1818. كما شوهد نيزك النخلة وهو يسقط صباح يوم 28 يونيو عام 1911 في منطقة النخلة البحرية قرب دنشال وأبو حمص ويقال أنه تناثر فيما يقرب من 40 صخرة ملتهبة قتلت واحدة منها كلباً. ويحظي هذا النيزك باهتمام العلماء من جميع أنحاء العالم حيث يتميز بتركيبات وصفات هامة لدرجة أن العلماء أطلقوا علي مجموعة هامة من النيازك اسم «النخليات» نسبة إلي نيزك النخلة المصري، وهو بلا جدال أشهر نيزك عالمي.. ومن النيازك التي شوهدت تسقط في مصر نيزك سيناء الذي سقط في الساعة الثانية والنصف بعد ظهر يوم 14 (17) يوليو 1916 علي بعد 8 أميال من القنطرة في سيناء ويوجد جزء كبير من هذا النيزك في المتحف الجيولوجي لجامعة مانشستر في إنجلترا وعينة صغيرة منه موجودة في المتحف البريطاني في لندن ولم يكن في مصر أي عينة منها حتي عام 1978 عندما تمكنت وبمساعدة زملائي في المتحف البريطاني من الحصول علي شريحة صغيرة منه وقامت تلميذتي السيدة / هيدي الأسيوطي بأول بحث يجري عنه في جمهورية مصر العربية في الجامعة الأمريكية.
تتمثل أهمية النيازك في أنه بدراستها تمكن العلماء من معرفة طبيعة التركيب الداخلي للأرض التي نعيش فيها.