تذكر يا صديقي الخمسيني أن الإنجاز لا يحسب بعدد سنين العمر، فحياة الإنسان لا تقاس بالسنين وإنما بقدرته علي التأثير إيجابياً علي من حوله وفي مجتمعه

مواليد عام 1966 أمثالي سيبلغون عامهم الخمسين هذه السنة بإذن الله... متع الله الجميع بالصحة والعمر المثمر. وفي حوار لي مع زميل دراسة من أصحاب الخمسين؛ قال إنه عندما ينظر إلي المرآة لا يصدق أن الشخص الذي يراه في المرآة -وقد زحف الشعر الأبيض إلي رأسه، وظهرت بعض التجاعيد علي وجهه -هو نفسه الشخص الواقف أمام المرآة، فروحه من الداخل لم تصبها التجاعيد، ولم يؤثر عليها سلباً الزمان، علي عكس الأثر الذي تركه هذا الزمان علي ملامح وجهه.
ولجميع مواليد عام 1966، وممن جاوز منهم الخمسين بقليل، دعوني أشارككم بعضا من خواطري بمناسبة العام الخمسيني، وأقول لكل صديق خمسيني هذا العام إنك كبرت عاماً واحداً فقط... فلا تقلق، وإذا أردت أن تنظر إلي المسألة بشكل أكثر إيجابية؛ فإنك هذا العام تحتفل بالعيد السنوي العشرين لعيد ميلادك الثلاثين!!.
وكما قال الكاتب الراحل «ڤيكتور هوجو»:»إنك في سن الأربعين تعد أكبر الشباب سناً، أما في الخمسين فأنت أصغر الشيوخ سناً».
وإذا كنت يا صديقي الخمسيني قد عانيت كثيراً في حياتك لتصل إلي ما أنت عليه الآن؛ فعليك أن تتذكر أن الشيء الوحيد في حياتك الذي لم تتعب فيه أو تبذل مجهوداً بشأنه هو بلوغك سن الخمسين.
وإذا كنت تتمني طوال حياتك وتسعي أن تنمّي ثروتك بسرعة، وأن تحقق نجاحاً مهنياً بسرعة، وأن يكبر أبناؤك بسرعة، وأن تصبح مشهوراً بسرعة... فإنه من الآن وصاعداً عليك أن تسعي جاهداً أن تكبر وتشيخ ببطء شديد، وكفاك سرعة، ففي التأني لبلوغ الشيخوخة السلامة، وفي العجلة الندامة.
ومن الملاحظ أن معظم الأصدقاء الناجحين من أبناء الخمسين يتصرفون في حياتهم الخاصة كما لو كانوا لا يزالون أبناء العشرين، فنصيحة خالصة لهؤلاء إذا كان هذا السلوك مقبولا في سن الأربعين فهو لم يعد كذلك في سن الخمسين.
وعليك أن تتعامل مع اليوم وحاضرك علي أنه هدية ثمينة، فلا تهدرها. ويقول «إلينور روزفلت» في ذلك:»إن الأمس صار تاريخاً، وغداً لا نعرف عنه شيئاً، وأما اليوم فهو هدية من السماء فعلينا أن نقدرها ونحافظ عليها».
وأعد كل أصدقائي الخمسينيين؛ أنني من الآن فصاعداً سأتعامل معهم كصديق بمعني الكلمة... صديق يتذكر أعياد ميلادكم، وينسي أعماركم.
ويا صديقي الخمسيني، عليك أن تعمل بجدية علي الاحتفاظ بروح الدعابة والأمل والقدرة علي الضحك -خاصة من أنفسنا، وعليك أن تحتفظ بقلبك مضيئاً وبعقلك شاباً.
وبمناسبة نية الحكومة في تطبيق ضريبة المبيعات علي كل شيء في حياتنا تحت مسمي «ضريبة القيمة المضافة»، فعليك أن تبدأ في حساب عمرك علي أنه 49 سنة، والباقي ضريبة قيمة مضافة!!
ومن أجمل ما قرأت من نصائح لأصحاب الخمسين ما قاله «تشيلي دافيز» بأن:»كبر السن أمر حتمي لا خيار لنا فيه، أما نضج العقل والفكر فهو أمر اختياري، فاجعل النضج خيارك كلما تقدمت في العمر». وأحد مظاهر النضج هو الموضوعية في الحوار، وانحسار الانفعال عند الاختلاف، وقبول الآخر، وإدراك عيوبك قبل مزاياك، والتصالح مع الماضي... فبلوغك سن الخمسين يا صديقي ونضجك الفكري هو تغير إيجابي في حياتك يميزك عما كنت عليه في شبابك.
وقد آن الأوان يا صديقي الخمسيني، أن تفعل ما تحب وليس ما يحبه غيرك، فما الجدوي من الحياة عند بلوغك الخمسين، وأنت لا تزال لا تستطيع أن تفعل ما تحب واعلم أنك لست مستثني من الفرح أو الحب أو المرح... واستمر في اللعب وممارسة الرياضة إلي أن تضطر إلي إجراء عملية تغيير المفاصل!!
واعلم أنك صرت عجوزاً حينما يصبح لا فارق بين نهارك وليلك، واعلم أنك لا تزال تنتمي لجيل الوسط طالما لا تزال علي قناعة أنك خلال أسبوعين تستطيع بعد قليل من الريجيم والرياضة أن تعود إلي الحالة التي كنت عليها منذ عشر سنوات!!
وأنا علي يقين أنك علي مشارف الخمسين أصبحت أكثر ثقة بنفسك، وربما أكثر جاذبية...
وإذا كنت تعتقد أنك قد تحررت من كثير من قيودك عند سن الأربعين؛ فتأكد أنك أصبحت أكثر تحرراً عند سن الخمسين...
وإذا كان الله قد أمد في عمر والدتك حتي بَلَغت أنت سن الخمسين؛ فعليك أن تقنعها أن تكف من الآن فصاعداً عن الكذب بشأن عمرها، لأنه طبقاً لعمرها المعلن فأنت أصبحت أكبر منها بعدة سنوات.
وتذكر يا صديقي الخمسيني أن الإنجاز لا يحسب بعدد سنين العمر، فحياة الإنسان لا تقاس بالسنين وإنما بقدرته علي التأثير إيجابياً علي من حوله وفي مجتمعه، وبمدي قدرته علي الاستمتاع بكل ما في الحياة من جمال وتجاهل ما فيها من قبح، وعليك أن تَسعَد وتُسِعد بمن تحبهم.
واعلم أنك ستظل شاباً فكراً وروحاً طالما أنك تظل كل يوم تبحث عن شيء جديد في حياتك. وتذكر جيداً أن العجائز هم فقط من يتخلون عن حماسهم في الحياة، فالحياة قرار والموت قرار. وتأكد أنك لن تسقط من منحدر الحياة، وتستطيع أن تحافظ علي البقاء علي قمتها وأنت في الخمسين شريطة أن تكون قد بذلت الجهد الكافي لاعتلاء القمة وأنت لا تزال في الأربعين.
واحتفظ دائماً بقدرتك علي التغيير والتطور، فالعقل الشاب لا يحسب بالسن، وإنما هو ذلك العقل القابل دائماً للتغيير والتطوير، الرافض للجمود الفكري، المستشرف للمستقبل، القابل للجديد... فأنت صاحب فكر مترهل وعجوز -حتي لو كنت في الثلاثين من عمرك -إذا وضعت عقلك في قالب جامد متحجر، وسلمته للآخرين لكي يفكروا نيابة عنك.
وكن حذراً يا صديقي الخمسيني، فأنت شاب لمرة واحدة في الحياة، ولكنك من الممكن أن تكون غير ناضج ومتهور العمر كله، فالتقدم بالعمر لا يكفي وحده لضمان النضج والحكمة، وتذكر أن كلفة التهور في سن الخمسين باهظة وأكثر ضرراً عنها في سن الأربعين.
أنت مقبل يا صديقي الخمسيني علي حياة جديدة، وعليك أن تصدق الكاتبة العظيمة «أجاثا كريستي» حين قالت إن حياة جديدة تفتحت لها عند بلوغها سن الخمسين، فاستمتع بحياتك الجديدة. واعلم أن أخطر أنواع التجاعيد هي تجاعيد العقل والفكر وليست أبداً تجاعيد الوجه... فحافظ علي شباب عقلك وفكرك بالعمل المستمر.
سن الخمسين لن يحميك من الحب، ولكن الحب سيحميك من الأعراض السلبية لسن الخمسين، فأحب من حولك بصدق لكي تستطيع أن تقاوم جفاء الروح إنك تستطيع أن تعيش خمسين عاماً أخري -بإذن الله -بشرط أن تتنازل عن القيام بكل الأشياء التي تجعلك ترغب في الحياة خمسين سنة أخري!! فالقرار قرارك.
ولأصدقائي الخمسينيين ممن يعملون بالسياسة والعمل التنفيذي الحكومي...اعرف أن الفترة من الخمسين إلي السبعين هي الفترة الأصعب والأعقد في حياتك، لأنه سيطلب منك دائماً بذل المزيد من الجهد، وسيعرض عليك المزيد من المناصب، وأنت لم تتحل بعد بالحكمة الكافية لكي ترفض في الوقت المناسب!! فكن حذراً.
هل تعلم أن متوسط عدد الضحكات عند الأطفال يصل إلي 400 ضحكة في اليوم، في حين أن متوسط عدد الضحكات عند البالغين لا يزيد علي 15 ضحكة في اليوم!! فحاول يا صديقي في عيد ميلادك الخمسين أن تسترد الـ385 ضحكة المفقودة.
كل عام ومواليد عام 1966 وجيرانهم من مواليد 1964 و1965 بصحة وخير.