لا أعرف كيف فات علي جميع المسئولين في الدولة طوال ما يزيد علي النصف قرن الماضي وحتي الآن، أن هناك خللا واضحا وجسيما في قيمة المعاشات المتدنية جدا، والتي يتحصل عليها جميع العاملين، بعد انقضاء سنوات عملهم، واكتمال أدائهم للمسئوليات والواجبات الملقاة علي عاتقهم والمكلفين بها في نطاق عملهم وحدود وظائفهم.
ولا أستطيع أن أتفهم، ولو حتي علي مضض، الاسباب والدواعي التي تجعل كل المسئولين الحاليين، وعلي رأسهم رئيس الوزراء ووزير المالية، ومعهم ومن بعدهم جميع أعضاء مجلس الوزراء، باعتبار المسئولية التضامنية للمجلس عن عموم وكل السياسات والقرارات، يلوذون بالصمت ويتمسكون بالسكوت عن هذا الوضع الشائن وغير المحتمل ولا المقبول إنسانيا واجتماعيا وأيضا اقتصاديا.
أقول ذلك رغم ظني، وليس كل الظن إثم، بأن كل هؤلاء المسئولين لا يقبلون استمرار هذا الوضع الشاذ، والمتمثل في التدني الشديد في قيمة المعاش واتساع الفارق بينه وبين قيمة المرتب، الذي كان يتحصل عليه الموظف او العامل قبل بلوغه سن الاحالة علي المعاش، وما يؤدي اليه ذلك دائما من عجز صاحب المعاش عن الوفاء باحتياجاته واحتياجات اسرته وكذلك التزاماتهم الضرورية، بما يهددهم بعدم القدرة علي استكمال ومواصلة سيرهم في الحياة بطريقة كريمة،..، وهذا أمر شديد الإيلام لهم ولأسرهم.
أظن انهم لا يقبلون بهذا الوضع وذلك الألم لكل أصحاب المعاشات وأسرهم، وارجو ان يكون ظني في محله،..، ولكني وغيري نأخذ عليهم سكوتهم وصمتهم علي هذا الوضع المؤلم، رغم أهميته البالغة لكل الذين يعانون منه ويتعرضون له، وقد اصبحوا بالملايين الآن، وبالرغم من النداءات والمطالب والشكاوي العديدة الصادرة عن هؤلاء، والتي لم تجد استجابة حقيقية وفاعلة من المسئولين حتي الآن.
أقول ذلك بوضوح رغم علمي بأن الأوضاع الاقتصادية في الدولة ليست علي ما يرام، في ظل الازمة الاقتصادية الخانقة التي نعاني منها ونعمل للخلاص منها،...، ولكني أعلم أيضا ان الحكومة عليها مسئولية دستورية لتوفير الحياة الكريمة للمواطنين، وذلك يلزمها بشفافية الإعلان عن برنامج واضح ومحدد، لوضع نهاية لهذا الوضع المشين والمؤلم لاصحاب المعاشات وأسرهم.